للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وديون يا رسول الله، قال: "أفَلا أُعَلمُكَ كلامًا إذا قُلْتَهُ أذْهَبَ اللَّهُ هَمَكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ" قلت: بلى يا رسول الله، قال: "قُلْ إذَا أصْبَحْتَ وإذَا أمْسَيْتَ: اللهُم إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالحَزَنِ وأعُوذُ بكَ مِنَ

ــ

التنوين فيه للتكثير أو للتعظيم أي هموم كثيرة أو عظيمة لزمتني وأحاطت بي فلم أجد منها مخرجًا ولا من ضيقها فرجًا ويؤيده قوله يا رسول الله فإن الاستغاثة تدل على عظم ما وقع فيه حتى استغاث منه بهذا اللفظ الدال على سرعة الإجابة. قوله: (ودُيونٌ) أي لزمتني وحذف لدلالة الأول عليه وكأنه عطف تفسير لبيان أن تلك الهموم هي تلك الديون ويؤيده الحديث الدين هم بالليل مذلة بالنهار. قوله: (أَفلا أُعلمُك) الهمزة فيه للاستفهام والفاء عاطفة لما بعدها على جملة مقدرة دل عليها السياق ولا مزيدة للتأكيد نظير ما منعك أن لا تسجد والتقدير اتمتثل ما أمرك به فاعلمك ويدل لذلك قوله في الجواب فقلت بلى ووقع في عبارة الطيبي ما يوهم أن لا أصلية وليس مرادًا. قوله: (إِذَا قلتَه الخ) فائدة الإتيان به التحريض على الإتيان بذلك الكلام خصوصًا وفيه تعجيل البشرى بإزالة تعجيل ما طلب إزالته من الهم والدين. قوله: (الهم والحَزَنِ) بضم الحاء المهملة وإسكان الزاي وبفتحهما ضد السرور وفرق بينهما بأن الهم يختص بالمتوقع والحزن بما وقع وقيل الهم الحزن الذي يذيب الإنسان لشدة الغم الذي تلقاه مأخوذ من همني المرض أذابني والحزن أصله من الخشونة وهو يصدق بأدنى شدة وغم وقيل الحزن ما يحصل لفقد ما يشق على المرء فقده والهم ما يذيب الإنسان فيكون تعوذه من الشيء الذي ينحل الجسم وقال الداودي الهم ما شغل الضمير وليس شيء أضنى على البدن منه قال والحزن أن يصاب الرجل في أهله وهما عند الفراء سواء وقال الحنفي الهم عام في أمور الدنيا والآخرة واعترض بأن هم الآخرة كالمنبوذ منه بل هو محمود ففي الحديث من جعل الهموم هما واحدًا هم الدين كفا الله هم الدنيا والآخرة وفي شرح العدة نقلًا عن الخطابي لا ينبغي للمؤمن أن يهتم بشيء من أمر الدنيا فإن الله تعالى قدر الأمور وأحكمها وقدر الأرزاق وقسمها فلا يجلب الهم للعبد خيرًا في دنياه ولا يأتيه ما لم

يقدر له وكان عمر بن عبد العزيز يقول اللهم رضني بالقضاء وحبِّب إليِّ القدر حتى لا أحب تقديم ما أخرت ولا تأخير

<<  <  ج: ص:  >  >>