للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: الهاء عائدة على الميت لأن إعادته هينة عليه وهو أهون من خلقه طوراً بعد طور، وقال السدي (١): "ليس يشتد على الله ولكن يعني به المخلوق أي يصاح به ويقوم سويا" (٢).

وقال قوم: الهاء لله ومعناه وهو عليه عندكم فيما تعالجون أنتم لأن الإنسان إذا أراد أن يعمل عملاً فكر فيه وتثبت فيه كيف يعمله طويلاً أو قصيراً فإذا عمله ثم أراد إعادته رده بلا تفكر ولاتثبت، أي فأنتم قد أقررتم بابتداء الخلق وهو عندكم أشد من إعادته فمن أقر بابتداء الخلق فهو أحرى أن يقر بالإعادة (٣).

ومثل هذه الآية في الاستدلال قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} (٤).

وسبب نزول هذه الآية أن أبي بن خلف بن وهب الجمحي، أخذ عظماً قد نخر بيده وجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا محمد تزعم أن الله يحي الموتى بعد أن كنوا عظاماً بالية وترابا، أترى الله يحي هذا بعد أن أرم


(١) هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي أبو محمد الكوفي الإمام المفسر أحد موالي قريش توفي سنة (١٢٧ هـ). انظر: السير ٥/ ٢٦٤.
(٢) ذكر هذا القول القرطبي ونسبه إلى ابن عباس وقطرب، وقال السيوطي في الدر المنثور أخرج الأنباري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في وقوله: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} قال: "الإعادة أهون على المخلوق لأنه يقول له يوم القيامة كن فيكون، وابتداء الخلق من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة". انظر: تفسير القرطبي ١٤/ ٢٢، الدر المنثور ٦/ ٤٩١.
(٣) قال بهذا الضحاك قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قوله: في عقولكم إعادة شيء إلى شيء كان أهون من ابتدائه إلى شيء لم يكن الدر المنثور ٦/ ٤٩١.
(٤) سورة يس آية (٧٧ - ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>