للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الجواب عن قول هذا المخالف: أنهم لا يخلقون شيئاً من أجسادهم ولا من أغذيتهم إلى آخر كلامه فمن وجوه:

أحدها: أن نفي النكرات يقتضي العموم كقولك: لا شيء في الدار، يقتضي نفي جميع الموجودات في الدار، كذلك قوله تعالى: {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً} يقتضي نفي خلقهم لجميع الموجودات من أفعالهم وأقوالهم وجميع الأجسام والجواهر.

والثاني: أن الله تعالى أخبر عن وضعهم وعدم اقتدارهم على خلق شيء من الأشياء وقطع عذر من يعبدهم، فلو كانوا يخلقون أفعالهم وأقوالهم لقال الكفار هم يخلقون أفعالهم وأقوالهم التي يجلب بها النفع ويدفع بها الضر فتكون لهم الحجة على الله، والله يقول: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}.

الثالث: أنه قال سبحانه {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} وهذا يعم خلقه لأجسامهم وجميع صفاتهم والأعراض التي فيها وهي الألوان (١)، والسمع والبصر، وحركاتهم في الأفعال والأقوال من جملة أعراضهم فتكون داخلة في المخلوقات.

وأما استدلال المخالف على أن المراد بالآية الأصنام لا غير بقوله تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء} وهذه صفة الأصنام لا صفة الملائكة.

قلنا عن هذا جوابان، أحدهما: إن سلمنا أن المراد بقوله {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء} هي الأصنام لم يمتنع أن يكون أول الآية عاماً لجميع ما يعبدون من الملائكة وعيسى والأصنام، وقوله (أموات غير أحياء) خاص للأصنام، وهذا كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (٢). وهذا عام للمطلقات البائنات والرجعيات، وقوله


(١) في - ح- قال: (الألوان والحياة والسمع).
(٢) البقرة آية (٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>