للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي أرشدنا الطريق وعرِّفناه وثبتنا عليه، وقيل معناه وفقنا وسددنا (١) فدل على أن الهداية من الله، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقل التراب يوم أمر (٢) بحفر الخندق وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا … ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا … وثبت الأقدام إن لاقينا (٣)

وهذا موافق لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} (٤) {يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} (٥).

وأما تأويل المخالف لقول الله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ} الآية بأنه أراد من يعاقبه من العصاة يقدم له حرج الصدر (٦)، فقد بينّا أن الإضلال لا يستعمل في موضع العقوبة (٧) وإن سلّمنا له ذلك تسليم جدل لا تسلم نظر قلنا: فهل أراد عقوبته بإحراج صدره قبل وجود الكفر منه أو بعد وجود الكفر منه؟

فإن قال: أراد ذلك قبل وجود الكفر منه، قلنا: فقد وافقت أن الله أراد العقاب والكفر الذي نهى عنه قبل وقوعه (٨)، وإن قال: أراد ذلك بعد


(١) انظر: تفسير ابن جرير ١/ ٧١، تفسير القرطبي ١/ ١٤٧.
(٢) (أمر) ليست في - ح-.
(٣) أخلاجه ح. في الجهاد (ب. حفر الخندق ٤/ ٢١، القدر (ب. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) ٨/ ١٠٨، م. الجهاد والسير (ب. غزوة الأحزاب) ٣/ ١٤٣١ كلهم من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -.
(٤) آل عمران آية (٧٣).
(٥) صدر الآية {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ .. } الأنعام آية (٨٨) وفي كلا النسختين ربط هذه الآية بالتي قبلها بما يشعر أنها آية واحدة وهو خطأ.
(٦) في - ح- (في الصدر).
(٧) انظر: ما تقدم ص ٢٨٧.
(٨) هذا إلزام قوي ينقص قول المعتزلة في أن الله يجب عليه فعل الأصلح للعبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>