للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاختلفوا عليه، وكان أول من دعى المهاجرين، فقال بعضهم: خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال آخرون: إن معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى أن تقدم بهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني فارتفعوا عنه، ثم أمر أن (١) يدعى له الأنصار فدعوا فاستشارهم، فلم يختلف عليه منهم رجلان (٢)، وقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تدم بهم على هذا الوباء، فأذن عمر بالناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أفراراً من قدر الله، فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت بها وادياً له عدوتان أحدهما خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت بالخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيتها بالجدبة رعيت بقدر الله (٣)، فجاء عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - وكان مغيباً في بعض حاجاته فقال: إن عندي من هذا علماً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فراراً منه"، فحمد الله عمر ثم انصرف (٤)، وخطبهم على باب الجابية ليقص عليهم ويعرفهم سبب انصرافه، وقال في خطبته: "من يضلل الله فلا هادي له ومن يهد الله فلا مضل له"، فقال جاثليق (٥) النصراني: إن الله لا يضل أحداً، مرتين أو ثلاثاً،


(١) في كلا النسختين (أمر فدعى) ولا يستقيم الكلام بدون (أن).
(٢) هكذا في النسختين والذي في الرواية أن الأنصار اختلفوا عليه كما اختلف عليه المهاجرون، ثم إن عمر - رضي الله عنه - قال: "ادع لي من هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح"، فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء. فلعله سقط من النسخة جواب الأنصار ودعوة مسلمة الفتح.
(٣) في - ح- (رعيتها بقدرة الله وإن رعيتها بالجدبة رعيتها بقدرة الله).
(٤) أخرجه إلى هنا خ. كتاب الطب (ب. ما يذكر في الطاعون ٧/ ١١٢، م. كتاب السلام (ب. الطاعون ٤/ ١٧٤١ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٥) قال في القاموس: "الجاثليق بفتح الثاء المثلثة هو رئيس للنصارى في بلاد الإسلام ويكون تحت يد بطريق انطاكية". القاموس المحيط ٣/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>