للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنكر الصحابة عليه، فقال عمر - رضي الله عنه - لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما يقول؟، قالوا: يا أمير المؤمنين يزعم أن الله لا يضل أحداً، فقال عمر: كذبت بل الله خلقك والله أضلك ثم يميتك فيدخلك النار إن شاء، أما والله لولا ولث عهد لك لضربت عنقك. فتفرق الناس وما يختلف في القدر اثنان (١).

والوَلث: هو العهد الذي ليس بمحكم ولا مؤكد (٢).

ومما موه به القدري أنه قال: روي أنه لما حصر عثمان - رضي الله عنه - في الدار كان القوم يرمونه ويقولون: الله يرميك، فقال عثمان: كذبتم لو رماني الله ما أخطأني.

والجواب أن يقال له: هذا لا يعرف في مسند. على أنا نحمله إن صح على أنهم أرادوا الله يرميك أي يبلغ السهام ويصيبك (٣) بها، فقال لهم عثمان - رضي الله عنه -: لو رماني الله ما أخطأني: أي لو بلغ سهامكم إلي ما أخطأني. وهذا كقوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (٤). وتأويل قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} أي ان المؤمنين لما رجعوا من بدر جعل رجل منهم يقول: قتلت، وآخر يقول: قتلت، فأنزل الله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ}، وأما الرمي فإن المشركين لما صافوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر دعى النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث قميصات من حصى الوادي ورمله فتأوله علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فرماها في وجوه العدو، وقال: "اللهم ارعب قلوبهم وزلزل أقدامهم" فملأ الله وجوههم وأبصارهم من الرمية ولم يبق أحد منهم حتى أصابه (٥)، فانهزموا عند الرمية


(١) أخرجه اللالكائي من عند قوله (وخطبهم على الجابية) من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل. انظر: السنة ٤/ ٦٥٩، والآجري في الشريعة ص ٢٠٠.
(٢) انظر: اللسان ٥/ ٤٩١٢.
(٣) (الواو) ليست في الأصل وإنما في - ح-.
(٤) الأنفال آية (١٧).
(٥) هكذا قي كلا النسختين والأصوب (إلا أصابه) وهو الموافق لما عند الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>