للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق لقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} (١).

والجواب: أن الجعل في القرآن يعبر به عن الخلق، ويعبر به عن التسمية وهو المراد هاهنا قال الله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} (٢) أي سموهم، وذلك قوله تعالى: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} (٣) وأراد به سموه كفيلاً.

وقد قال الله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} (٤) ولم يرد ما خلقها، وإنما أراد ما سماها، فبطل أن يكون كل جعل في القرآن عبارة عن الخلق (٥).

واستدلوا بقوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٦) والقرآن شيء فوجب أن يكون مخلوقاً (٧).


(١) الأنبياء آية (٣٢) وذكر هذا الاستدلال عنهم الإمام أحمد في الرد على الجهمية ص ٦٩ ضمن عقائد السلف، وكذلك شارح الطحاوية ص ١٨٦ والباقلاني في التمهيد ص ٢٨٢.
(٢) الزخرف آية (١٩).
(٣) النحل آية (٩١).
(٤) المائدة آية (١٠٣).
(٥) بمثل هذا رد عليهم الإمام احم في الرد على الجهمية، وكذلك الدارمي في الرد على بشر المريسي، وذكر شيخ الإسلام كلام الإمام أحمد في الرد على الجهمية في الرد على هذه الشبهة وهو رد واضح بيِّن، وذكر شارح الطحاوية وجهاً آخر فقال: "إن جعل إذا تعدت إلى مفعول واحد كانت بمعنى خلق مثل قوله تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} وإذا تعدت إلى مفعولين لم تكن بمعنى خلق مثل {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} ومثلها قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً}.
انظر: الرد على الجهمية للإمام أحمد ص ٦٩ - ٧٢، رد الإمام الدارمي على بشر المريسي ص ٤٨١ كلاهما ضمن عقائد السلف، وانظر: مجموع الفتاوى ٨/ ٢٩، شرح الطحاوية ص ١٨٦.
(٦) الرعد آية (١٦).
(٧) ذكر هذا الاستدلال عنهم الإمام أحمد في الرد على الجهمية ص ٧٦ ضمن عقائد السلف، وكذلك ذكره شارح الطحاوية انظر: ص ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>