للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عنه من وجوه:

أحدها: أنا نعارضه بقوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} (١)، وكذلك قوله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} (٢)، وكذلك قوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم} (٣)، فأخبر في هذه الآيات أنهم قالوا بألسنتهم قولاً لم يقولوه بقلوبهم، ولم يخبر في هذه الآية التي احتجوا بها أنهم لم (٤) يقولوا بألسنتهم ما قالوه بقلوبهم، فيجوز أن يكون المراد بالآية التي احتجوا بها أنهم زوروا قولاً بأنفسهم وقالوه بألسنتهم فسمى المزور بقلوبهم قولاً لهم لأنه يؤول (٥) إلى القول باللسان كما قال تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً} (٦) فسمى العصير خمراً لأنه يؤول إليه.

والجواب الثاني: يجوز أن يكون معنى قوله: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} (٧) أي قالوه بألسنتهم أسر به بعضهم إلى بعض كقوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (٨) أي يسلم بعضكم على بعض (٩) كقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (١٠) أي لا يقتل بعضكم بعضاً (١١)، والدليل عليه: أن الآية (١٢). وردت في اليهود،


(١) آل عمران آية (١٦٧).
(٢) الكهف آية (٥).
(٣) الفتح آية (١١).
(٤) (لم) ليست في - ح-.
(٥) (يؤول) ساقطة من الأصل وهي مثبتة في - ح-.
(٦) يوسف آية (٣٦).
(٧) في - ح- (في قلوبهم).
(٨) النور آية (٦١).
(٩) ذكر هذا المعنى ابن جرير عن الحسن البصري وغيره وهو الذي رجحه. انظرك تفسير ابن جرير ١٨/ ١٧٢.
(١٠) النساء آية (٢٩).
(١١) ذكر هذا المعنى ابن جرير ولم يذكر غيره في تفسيره. انظر: ٥/ ٣٤.
(١٢) يعني بذلك قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>