للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أن قوماً منهم قالوا: اذهبوا بنا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فنشتمه علامية كما نشتمه في السر لننظر هل يعذبنا الله على ذلك، فجاءوا إليه فقالوا السام عليك يا محمد، يريدون الموت عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وعليكم، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: السلام عليكم يا إخوة القردة والخنازير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة عليك بالرفق فإنه ما وضع في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه أما سمعتني قد قلت: وعليكم، فأنزل الله {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} (١). فسمى الله كلامهم بألسنتهم قولاً لهم وتوعدهم عليه بجهنم، فدل على أنه هو القول حقيقة وما في النفس لا يسمى قولاً ولا كلاماً، وإنما يسمى حديث نفس ولا يتعلق به حكم. ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به" (٢)، فنفى أن يكون حديث النفس كلاماً.


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ وإنما ورد مفرقاً من حديث عائشة - رضي الله عنها -، فقد أخرج البخاري ومسلم تسليم اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم ورده عليهم بدون قوله: "يا عائشة عليك بالرفق فإنه ما وضع … ".
وإنما لفظه عند البخاري "فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم، قال: مهلاً يا عائشة عليك بالرفق وإياك والفحش والتفحش قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعي ما قلت رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم فيَّ". خ. كتاب الأدب (ب. لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً) ٨/ ١١. وعند مسلم نحوه وزاد في رواية (فأنزل الله عزوجل {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْك … }) الآية. كتاب السلام (ب. النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام) ٤/ ١٧٠٦.
أما قوله (يا عائشة عليك بالرق فإنه ما وضع .. ) الحديث. فقد أخرجه م. كتاب البر (ب. فضل الرفق) ٤/ ٢٠٠٤، د. كتاب الجهاد (ب. ما جاء في الهجرة وسكنى البدو) ١/ ٣٨٨، حم. ٦/ ١١٢ - ١٢٥.
(٢) أخرجه خ. كتاب العتق (ب. الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه) ٣/ ١٢٧، م. كتاب (ب. تجاوز الله حديث النفس والخواطر ١/ ١١٦ كلهم من حيديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>