للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصحف قرآن) بدليل أنه يحرم على المحدث مسه.

فأجاب عن هذا وقال: كلام الله مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب مقروء بالألسنة، فأما الكاغد والحبر والكتابة والحرف والصوت فكلها حادثة.

فإذا قلنا: إنه مكتوب في المصاحف أعني صفة القديم لم يلزم أن يكون القديم في المصحف، كما إذا (١) قلنا النار مكتوبة لم يلزم أن تكون ذات النار حالة فيه فالنار جسم حار، وعليه دلالة هي الأصوات المقطعة تقطيعاً يحصل منه النون والألف والراء، فالحار المحرق ذات النار لا نفس الدلالة، والحروف أدلة القرآن وللأدلة حرمة إذ جعل (٢) الشرع لها حرمة، لأن ما فيها دال على صفة الله (٣) هذا تحقيق قوله (٤).

والجواب أن يقال: أما قولك إنه (٥) حال في المصحف عبارة غير مرضية، لأن الحلول صفة الأجسام يقال حل يحل بالمكان بضم الحاء في المستقبل إذا نزل به، وحل الدين يحل بكسر الحاء في المستقل إذا وجب (٦)، وحل


(١) في - ح- (كما أنا إذا).
(٢) في النسختين بدون (إذ) وهي في الاقتصاد.
(٣) هذا كلام غريب وقياس عجيب من الغزالي، فإنه زعم أن الكلام له ذات لها ثقل وكيان حيث قاسه على النار المحرقة، ثم زعم أنه لا يمكن أن يكون الكلام حالاً في المصحف، كما أن النار لا يمكن أن تحل في المكان الذي يكتب فيه لفظها وهذا سفسطة وكلام فاسد، فإن الكلام ليس له ذات لا عند السلف ولا عند الأشعرية ولا غيرهم، وإنما هو عند الأشاعرة معنى واحد في النفس الواحد في النفس ليس ذاتاً وكياناً يمكن أن يوصف بما توصف به الذات، ولا يجوز أن يقال عنه إنه حال في المصحف حلول الذوات في الأشياء وهو- أي الكلام - عند السلف صفة فعل لله عزوجل، وهو سبحانه تكلم بهذا القرآن فالذي في المصحف كلام الله حرفه ومعناه، ولا يقال إنه حل في المصحف وإنما يقال هو كلام الله مكتوب ومقروء وموجود.
(٤) الاقتصاد في الاعتقاد ص ٧٩ - ٨٠.
(٥) في الأصل (إنها) وما أثبت من - ح- والضمير يرجع إلى كلام الله.
(٦) في - ح- (وجد).

<<  <  ج: ص:  >  >>