للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء يحل بكسر الحاء إذا حل (١) فعله، وإنما يقال القرآن موجود (٢) في المصاحف ومكتوب ومسطور.

وأما قوله إن الكاغد والحبر محدثان فلا ينكر ذلك وليس الحرف هو نفس الحبر ولا نفس الكاغد.

وأما قوله: إن القرآن مكتوب في المصاحف محفوظ بالقلوب مقروء بالألسنة، فإن أراد بذلك القرآن الذي هو كلام الله حقيقة قلنا هذا صحيح وبطل أن يكون لله كلاماً قائماً بذاته لا يفارقه وكان هذا قول أصحاب الحديث. وإن أراد بذلك العبارة عن القرآن الذي هو قائم بذات الباري كان قوله هذا قولاً فارغاً لا معنى تحته غير التستر بقول أصحاب الحديث، وعليه يدل قوله إن القرآن مكتوب في المصاحف، لأنه لو صرح وقال ليس القرآن مكتوباً في المصاحف، وإنما المكتوب به أدلة القرآن لكان مخالفاً لما عليه أدلة (٣) المسلمين ولكنه سقّف (٤) قوله.

والأشعرية قدموا رِجلاً إلى الاعتزال ووضعوها حيث وضعت المعتزلة أرجلهم، وأموا بالرجل الأخرى إلى حيث وضع أهل الحديث أرجلهم (٥)، وهذا مثال عقلي يفقهه من فهم قولهم.


(١) في النسختين (حال) وصوابها ما أثبت فإنه لا يستقيم المعنى إلا به.
(٢) في الأصل (مكتوب) وما أثبت في - ح- والعبارة به أقوم.
(٣) هكذا في النسختين ولعلها (أئمة).
(٤) هكذا في النسختين ولعل مراده بها (الستر والتغطية).
(٥) الأشعرية نتيجة لتأثرهم بالمعتزلة نفوا كثيراً من الصفات عن الباري جل وعلا كما شأن المعتزلة بدعوى أنها تدل على الحدث، وأظهر مثال على ذلك نفيهم للصفات الفعلية عن الله وهي الرضا والمحبة والغضب والإتيان والنزول والاستواء ونحوها، وقالوا في صفة الكلام قولاً فاسداً لم يسبقهم إليه سابق، أعني قولهم بالكلام النفسي. وأخذوا من أهل الحديث إثبات الصفات الذاتية وهي السمع والبصر والإرادة والقدرة والحياة، فأصبحوا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ويظهر عورهم أكثر ما يظهر عند التطبيق لأقوالهم في الصفات، وأكثر ما يظهر فيه ذلك قولهم في الكلام لأن القرآن الكريم من كلام الله عزوجل وليس كلاماً نفسياً يزعمون، وبه يتضح فساد قولهم وتخبطهم في صفات الباري جل وعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>