للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن إلزامات الغزالي في الاقتصاد قوله: إن قال قائل هل القرآن (١) كلام الله أم لا، فإن قلتم لا فقد خرقتم الإجماع، وإن قلتم نعم فما هو سوى الحروف والأصوات.

فأجاب عن هذا وقال ها هنا ثلاثة ألفاظ قراءة ومقروءة وقرآن.

أما المقروء فهو كلام الله القائم بذاته، وأما القراءة فهي عبارة القارئ، وأما القرآن فهو اسم مشترك يقع على صفة الله وهو الكلام بذاته وهو الذي أراده السلف بقولهم القرآن غير مخلوق، ويقع على القراءة التي هي أفعال القارئ وهي مخلوقة (٢)، هذا تحرير قوله.

والجواب أن يقال له: قد أقررت أن القرآن هو هذه السور والآيات، ودعواك أن المقروء هو كلام الله القائم بذاته، غير مسلم ولا دليل له على ذلك من كتاب ولا من سنة ولا إجماع، بل إجماع السلف أن لا قرآن إلا هذا المسموع المتلو الذي جعله الله معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم أن لا قرآن إلا هذا المسموع المتلو الذي جعله الله معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم وشاهداً على صدقه وعلق عليه الأحكام فقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (٣)، والعرب لا تشير بقولهم (هذا) إلا إلى شيء موجود ومدعى قرآن لا لغة فيه جاهل غبي، وأما قراءة القارئ فهو تحريكه آلته وفعله المسموع المفهوم هو القرآن المجمع عليه، وأما القائم بذات الله فلا سبيل لأحد إلى العلم به ولا إلى العبارة عنه.

وأيضاً فإن ذات الله ليست بمحل أن تقوم بها المعاني، والقائل بذلك مشبه (٤)، لأن الله لا يسمى إلا بما سمى به نفسه أو سماه به نبيه صلى الله عليه وسلم أو


(١) في الأصل (الكلام) وهي في -ح- وفي الاقتصاد كما أثبت.
(٢) الاقتصاد في الاعتقاد ص ٨٠.
(٣) النمل آية (٧٦).
(٤) قول المصنف هنا: "إن ذات الله ليست بمحل أن تقوم بها المعاني". الصحيح أن المضاف إلى الله معان وأعيان، فإضافة المعاني إضافة صفة إلى موصوف، كعلم الله وسمع الله وبصر الله وكلام الله، أما إضافة الأعيان فهي إضافة مخلوق إلى خالق كبيت الله وناقة الله ونبي الله ونحو ذلك.
وفي النفس من عبارة المصنف شيء فلعل فيها سقطاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>