للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على ما قلناه: أن الله وصف المشركين ثم قال: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (١)، وهذا يبطل قول السالمية (٢).

ويدل على أن المؤمنين عن ربهم غير محجوبين، إذ لو كانوا عنه محجوبين لما كان لوصف المشركين بذلك معنى. قال الحسن البصري: "إذا كان يوم القيامة برز ربنا تبارك وتعالى فيراه الخلق ويحجب الكفار فلا يرونه، وهو قوله تعالى: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} " (٣).

وقال رجل لمالك: يا أبا عبد الله هل يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟ قال: "لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعبر الله الكفار بالحجاب فقال: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} " (٤) وكذلك روي عن الشافعي - رحمه الله - (٥).

يدل على ما قلناه ما روى علي بن أبي طالب وأنس بن مالك أنهما فسرا قوله تعالى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} (٦)، قالا: "يظهر الرب لهم يوم القيامة" (٧).

ويدل على ما قلناه قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} (٨)، وذلك أن موسى عليه السلام لما سمع كلام الله اشتاق


(١) المطففين آية (١٥).
(٢) تقدم ذكر قولهم ص ٦٣٦.
(٣) أخرجه اللالكائي في السنة ٣/ ٤٦٧.
(٤) أخرجه اللالكائي في السنة ٣/ ٤٦٨.
(٥) أخرجه عنه البيهقي فقد روي عن ابن هرم القرشي أنه قال: "سمعت الشافعي يقول في قول الله عزوجل: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}، قال: "لما حجبهم في السخط كان هذا دليلاً على أنهم يرونه في الرضا". الاعتقاد ص ٥٣، وبمعناه روى اللالكائي عن المزني عنه. انظر: شرح اعتقاد أهل السنة ٣/ ٤٦٨.
(٦) ق آية (٣٥).
(٧) أخرجه اللالكائي عن علي وأنس بن مالك - رضي الله عنهما - تفسير قوله تعالى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} أنه النظر إلى وجه الله عزوجل، واللفظ المذكور أخرجه اللالكائي عن أنس - رضي الله عنه -.
شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي ٣/ ٤٦٩.
(٨) الأعراف آية (١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>