للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل عليه ما روي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما يسرني بهذه الآية الدنيا وما فيها {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (١) يقول لا تيأسوا من رجمة الله أنه لا توبة لكم {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} يعني الشرك والقتل والزنا الذي ذكر الله في سورة الفرقان (٢) {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وقال قوم: إنها لم تنزل بسبب وحشي لأنها مكية، ووحشي أسلم بعد ذلك بعد قتل حمزة بالمدينة، وبين نزولها وإسلامه قدر عشرين سنة، ولكنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل لي من توبة، فقال له نعم وقرأ عليه هذه الآية (٣).

ويدل على ما قلناه قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} (٤).

ويدل على ما قلناه قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} (٥) وهذا عام، ويدل على ما قلناه قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ


(١) أخرجه حم ٥/ ٢٧٥ بلفظ (ما أحب أن لي الدنيا .... )، وابن جرير الطبري في تفسيره ٢٤/ ١٦، والطبراني في الأوسط ذكر ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ١٠٠ ومدار إسناده على ابن لهيعة.
(٢) يعني بذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً}.
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط ذكر ذلك الهيثمي وقال: "فيه أبين بن سفيان وضعفه الذهبي". مجمع الزوائد ٧/ ١٠٠ وضعف أبين أيضا ابن عدي وقال: "مقدار ما يرويه غير محفوظ وما يرويه عمن رواه منكر كله، ونقل عن البخاري أنه قال: لا يكتب حديثه. الكامل ١/ ٣٨٤. وهذه الآية التي ذكرها المصنف هنا لا تصلح دليلا، لأن المراد بها من تاب من الذنب حيث يدخل في الذنوب الشرك، والشرك لا يغفر إلا بالتوبة منه ويدل عليه أيضا حديث ابن عباس المتقدم في التعليق والمعتزلة كغيرهم لا ينكرون أن توبة صاحب الكبيرة مقبولة.
(٤) النساء آية (١١٠) وهذه الآية أيضا لا تصلح دليلا هنا لوجود النص على الاستغفار.
(٥) الرعد آية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>