للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخبار في الشفاعة كثيرة وإن اختلفت ألفاظها، إلا أنها متفقة المعنى وأطبق سلف هذه الأمة على تصحيح هذه الروايات، لم ينكرها أحد من الصحابة والتابعين، ولو كانت غير صحيحة لكان الصحابة والتابعون (١) أشد إنكاراً لها من المعتزلة، ولو كان ذلك لنقل عنهم كما نقل عنهم الاختلاف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه (٢) بعيني رأسه، وكما نقل عنهم الخلاف في المسائل الفقهية.

وقد احتجت المعتزلة بخبر يروونه عن الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تنال الشفاعة أهل الكبائر من أمتي".

قلنا: هذا خبر لم يذكره أحد من أئمة الحديث، ولا ذكر في شيء من الأصول المشهورة في الأمصار كمسلم، والبخاري، وسنن أبي داود والترمذي والآجري، وإنما ذكرته المعتزلة ليرو أتباعهم أن معهم رواية يعارضون بها الأخبار المشهورة عند أهل السنة (٣)، مع أنا نحمل هذه الرواية على المرتدين من أمتي لأنهم كانوا من أمته فاستصحب الاسم فيهم (٤).

فإن قالوا: فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تحسى سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً". وروي مثله فيمن قتل نفسه بحديدة أو تردى من جبل (٥).


(١) في الأصل، (والتابعين) وما أثبت من - ح - وهو الصواب.
(٢) في الأصل هكذا (الاختلاف في رواية النبي صلى الله عليه وسلم بعيني رأسه) وما أثبت من - ح -.
(٣) قال أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب ص ١٢٢ عن هذا الحديث: إنه من أكاذيب المعتزلة.
(٤) لا يحتاج هذا التأويل مع سقوط الحديث.
(٥) هذا ورد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه خ. كتاب الطب (ب من شرب السم والدواء به) ٧/ ١٢١، م. كتاب الأيمان (ب تحريم قتل الإنسان نفسه. . .) ١/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>