للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاءهم فقالوا له: "ما تقول فيمن نكح أمه وقتل أباه ورب الخمر؟ فقال: مؤمن، فقال ابن أبي ليلى: لا أقبل لك شهادة أبداً، وقال الحسن بن صالح: وجهي من وجهك حرام، وقال شريك: لو كان لي من الأمر شيء لضربت عنقك، وقال له الثوري: كلامك علي حرام أبداً" (١).

وقال سليمان بن حرب (٢): "مر أبو حنيفة بسكران فقال له السكران: يا أبا حنيفة يا مرجيء، فقال له أبو حنيفة: صدقت الذنب منى حين سميتك مؤمناً مستكمل الإيمان" (٣).

قلت: وهذه مقالة شنيعة والخطأ فيها ظاهر من قائلها، وأنا أشرف أبا حنيفة من هذه المقالة، لأن الله سبحانه جعله إماماً لخلق كثير من أهل الأرض والله أكرم أن يجعل الناس تابعين في الدين لرجل من أهل النار، ولعله كان يقول بهذا ثم تاب عنه، أو حكي ذلك عن المرجئة مطلقاً فنسب إليه، كما نسب قوم (٤) لا بصيرة لهم محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله - إلى الاعتزال لقوله وإشهاده من يرى أن كذبه شرك بالله ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفوس بقبولها من شهادة من يخفف المأثم فيها، وهذا جهل ممن نسب الشافعي إلى الاعتزال بهذا الكلام لأن الشافعي أراد بذلك أن من يرى كذبه شرك بالله ومعصية هم الخوارج (٥) ولم يرد أن شهادتهم


(١) أخرجه اللالكائي في السنة ٥/ ٩٩٨، وفي إسناده طاهر بن محمد بن الحسن التميمي عن علي بن الحسن النسائي لم أقف لهما على ترجمة.
(٢) في الأصل (حرم) وفي - ح - (الحارث) والتصويب من السنة للالكائي وهو سليمان بن حرب الأزدي الواشجي القاضي بمكة ثقة أمام حافظ مات سنة ٢٢٤ هـ -. التقريب ص ١٣٣.
(٣) أخرجه اللالكائي في السنة ٥/ ١٠٠٠ وفي إسناده عمران بن محمد الهروي ولم أقف له على ترجمة.
(٤) في الأصل (قوماً) وما أثبت من - ح - وهو الصواب.
(٥) تقدم ذكر قولهم ص ٦٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>