للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقبل وإنما أراد أن شهادتهم لا ترد لأجل قولهم هذا لأنه أدعى (١) إلى قبول قولهم، والذي يخفف المأثم فيها هم المرجئة لأن الكبائر عندهم لا تضر إذا أتى التوحيد (٢)، والمعتزلة يقولون إن صاحب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر (٣)، وكلهم في باب الذم واحد إلا أن منهم من يستحق اسم الكفر بقوله ومنهم من يستحق اسم الفسق ومنهم من يستحق اسم التبديع، وليس إذا قدم بعضهم على بعض في الذم يكون مدحاً لبعضهم كما قال الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} (٤) فلا يدل (٥) الترجيح هاهنا (٦) في أنهم أقرب مودة للذين آمنوا على انهم على حق بغير هذا بل الجميع منهم على كفر، كما أخبر عنهم في آي كثيرة منها قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٧).

أما الدليل على بطلان قول من نسب الشافعي - رحمه الله - إلى الاعتزال فما روي عن الشافعي في كتب كثيرة صح إسنادها عنه أنه كفر القدرية، وكفر من قال بخلق القرآن وكفر الفرد (٨) بقوله. وحكى عنه المزني: هما جماعان أحدهما يوجب العقوبة في الدنيا وهو الحد والعذاب في الآخرة


(١) في الأصل (دعا) وما أثبت من - ح - وهو أقوم للعبارة.
(٢) تقدم التعليق على هذا ص ٦٦٧.
(٣) تقدم ذكر قولهم ص ٦٨.
(٤) المائدة آية (٨٢).
(٥) في الأصل (فلا يدخل) وما في - ح - أصوب.
(٦) في - ح - زيادة (للنصارى).
(٧) التوبة آية (٣٠).
(٨) تقدم قوله في تكفير القائل بخلق القرآن وتكفير حفص الفرد لأنه قال بخلق القرآن ص ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>