للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأجرت القوي الأمين، وأبو بكر - رضي الله عنه - في استخلافه عمر" (١).

وأما شدته وصرامته فما لم يخف على أحد، جندّ الأجناد وفتح البلاد ومصر الأمصار، واستأصل الكفار، واستولى على الديار، وصلح بنظره الحاضر والبادي والقاصي والداني حتى قال: لئن عشت ليبلغن الراعي حقه بصفنه (٢) بسر وحمير (٣) لم يرق به جبينة (٤)، ولما فتح أرض السواد قسمها بين الناس فاستغلوها ثلاث سنين فخاف أن يشتغل الناس بذلك فقال: لو لا أخشى أن يكون الناس بَبّانا واحدا لكنتم على ما قسم لكم، وأرى أن تردوها (٥) فمنهم من طابت نفسه ورد ما بيده (٦)، ومنهم من لم تطب نفسه


(١) لأخرجه اللالكائي في السنة ٧/ ١٢٣٥، والطبراني في الكبير ٩/ ١٨٥، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة ٢/ ٦٦٩، والخلال في السنة ص ٢٧٧.
(٢) الصفن: بضم الصاد وقيل بفتحها وسكون الفاء خريطة يكون للراعي فيها طعامه وما يحتاج إليه. غريب الحديث للهروي ٣/ ٢٦٧.
(٣) سرو حمير: السرو هو ما انحدر من حزونة الجبل وارتفع عن منحدر الوادي فما بينهما، يقال له سرو، وسرو حمير المراد به منازل حمير من أرض اليمن. انظر: غريب الحديث للهروي ٣/ ٢٦٨، معجم البلدان ٣/ ٢١٧.
(٤) أخرجه عنه أبو عبيد في غريب الحديث ٣/ ٢٦٦، وأخرج نحوه ابن سعد في الطبقات ٣/ ٣٠٠ ومراده - رضي الله عنه - أنه يوصل إلى الراعي حقه من بيت مال المسلمين في مكانه الذي يكون فيه، من غير أن يلجأه إلى عرق الجبين بسبب الطلب، وهو كناية عن حفظه لماء وجه المسلمين عن الطلب، فرحمه الله رحمة واسعة وألحقنا به في الصالحين.
(٥) في - ح - زيادة (بغير عوض).
(٦) في - ح - (من طابت نفسه أن يردها بغير عوض).
والمصنف هنا دمج بين روايتين فإن الرواية عند الهروي في غريب الحديث عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر - رضي الله عنه - قال: "لئن عشت إلى قابل لألحقن آخر الناس بأولهم حتى يكونوا بَبّانا واحدا".
ورواية قيس بن أبي حازم عند أبي عبيد القاسم بن سلام في الأموال أن عمر قال لجرير بن عبد الله - رضي الله عنهما -: لولا أني قاسم مسؤل لكنتم على ما جعل لكم وأرى الناس قد كثروا، فأرى أن ترده، يعني ما نفله من أرض السواد عليهم"، ففعل جرير ذلك، فأجازه عمر بثمانين دينارا. انظر: غريب الحديث ٣/ ٢٦٨، الأموال ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>