للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذا الحديث: أنه لا يخطب المسلم على خطبة أخيه؛ لأنه يؤدي إلى الشحناء، وفي اللفظ الآخر: ((إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ) أي: إلا أن يأذن الخاطب الأول، أو أن يرده أهل المخطوبة، فإذا ردوه فلا بأس بذلك، والأصل في النهي التحريم.

قال النووي رحمه الله: ((هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه، وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صرح للخاطب بالإجابة، ولم يأذن ولم يترك، فلو خطب على خطبته وتزوج- والحالة هذه- عصى وصح النكاح ولم يُفسخ، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور)) (١).

مسألة في: حكم خطبة المسلم كتابيةً علم خطبتها لكتابي قبله:

يجوز للمسلم- وقد علم أن كتابية خطبها كتابي قبله- أن يخطبها عليه، ولكن النووي رحمه الله يرى أنه ليس للمسلم ذلك؛ لأن كلمة (أَخِيه) خرجت مخرج الغالب، ولأن النهي إنما جاء لما يؤدي إليه ذلك من العداوة والبغضاء، والعداوة بيننا وبين اليهود لا شك باقية، إلا إذا قيل من جهة أن بيننا وبينهم عقدًا وعهدًا، فلا ينبغي أن يكون بيننا وبينهم عداوة (٢).

والصواب: الجواز لأن المسلم أولى من الكتابي بخطبتها.

قوله: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ)): هو أن يأتي رجل من خارج البلد معه سلعة يريد أن يبيعها بسعر يومها، ثم يأتي رجل من أهل البلد، فيقول: أعطني السلعة أنا أبيعها لك، فليس له ذلك؛ لأن الذي قَدِم البلد يريد أن يبيعها بسعر يومها برخص للناس، وهذا الذي جاء من البلد يريد أن يبيعها ليشدد على الناس، فيبيعها بثمن غالٍ، ولا يجوز له ذلك.

والمراد بالبادي: من يَقْدُم إلى البلد، سواء كان من البادية أو من غيرها، والمراد بالحاضر: من كان بالبلد.


(١) شرح مسلم، للنووي (٩/ ١٩٧).
(٢) شرح مسلم، للنووي (٩/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>