للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب النووي رحمه الله إلى تأويل الحديث، فقال: ((فالأصح أن معناه: أنه كان في أول الأمر إذا قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ولم ينوِ تأكيدًا، ولا استئنافًا، يحكم بوقوع طلقة؛ لقلة إرادتهم الاستئناف بذلك، فحُمل على الغالب الذي هو إرادة التأكيد، فلما كان في زمن عمر رضي الله عنه، وكثر استعمال الناس بهذه الصيغة، وغلب منهم إرادة الاستئناف بها حُملت عند الإطلاق على الثلاث؛ عملًا بالغالب السابق إلى الفهم منها في ذلك العصر)) (١).

قلت: وهذا ليس بصحيح، بل المراد بكلمة واحدة.

قال شيخنا ابن باز رحمه الله: (( ... أما إذا وقعت بألفاظ، مثلًا: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو تراك طالق، تراك طالق، تراك طالق، وأنت طالق، وطالق، وطالق، وما أشبه ذلك، فهذا الذي أعلم عن أهل العلم أنها تقعُ الثلاث كلها، وتَبِينُ بها المرأة بينونة كبرى، لا تحل بها المرأة لزوجها المطلِّق إلا بعد زوج وإصابة، ولا أعلم إلى وقتي هذا أحدًا من الصحابة، أو من التابعين قال بأن هذا لا يقع به إلا واحدة، بل ظاهر ما سمعت وقرأت: أنه يقع كله، تقع الثلاث كلها، وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه لا يقع إلا واحدة، كمن طلق بالثلاث بكلمة واحدة، وجعل هذا مثل هذا، وجعل الطلاق الذي يقع بعد الأولى إنما يكون بعد نكاح، أو بعد رجعة، أما إذا ألحقها الثانية والثالثة بدون رجعة، فهذا لا يقع، هذا كلامه رحمه الله، ولكني لا أعلم له أصلًا واضحًا يعتمد عليه من جهة النقل، وإن كان وجيهًا من جهة المعنى، لكن لا أعلم له أصلًا من جهة النقل؛ ولهذا فالذي أُفتي به: أنها تقع الثلاث على ظاهر ما نقل عن السلف الصالح في هذا)) (٢).

وقال رحمه الله: ((أما إذا قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو أنتِ طالق،


(١) شرح مسلم، للنووي (١٠/ ٧١).
(٢) فتاوى نور على الدرب، لابن باز (٢٢/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>