للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنتِ طالق، أنتِ طالق، هذه تحسب ثلاثًا، إلا إذا نوى التأكيد بقوله: أنتِ طالق، نوى التأكيد، أو الإفهام تكون واحدة، كما لو قال: طالق، طالق، طالق، وليس له نية، تحسب واحدة، أما إذا قال: أنتِ طالق، أنتِ طالق، أنتِ طالق، ونيته الثلاث، أو ليس له نية التفهيم، ولا التأكيد تكون ثلاثًا، أو قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو طالق، وطالق، وطالق، كلها تحسب ثلاثًا، تَبِينُ منه حتى تنكح زوجًا غيره، هذا الأصل، هذا المعتمد)) (١).

قال أبو العباس القرطبي رحمه الله: ((فيه دليلٌ على أن الطَّلاق في الحيض يحرم؛ فإنه أنكره بتغيُّظه عليه، مع أن ابن عمر رضي الله عنهما لم يكن عرف تحريم ذلك عليه، فتغيَّظَ بسبب ذلك، وأمره بالمراجعة، وهو مذهب الجمهور)) (٢).

وقال: ((وأمرُه صلى الله عليه وسلم ابنَ عمر بالمراجعة دليلٌ لمالك على وجوب الرجعة في مثل ذلك، وهو حجة على أبي حنيفة والشافعي، حيث قالا: لا يجب ذلك.

وفيه دليل: على أن الطلاق في الحيض يقع، ويلزم، وهو مذهب الجمهور، خلافًا لمن شذَّ وقال: إنه لا يقع، ثم إذا حكمنا بوقوعها اعتد بها له من عدد الطلاق الثلاث)) (٣).

وقال: ((قوله: ((فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَرَنِي بِهَذَا))؛ إشارة إلى أمره صلى الله عليه وسلم بالمراجعة، فكأنَّه قال للسائل: إن طلقت تطليقة، أو تطليقتين فأنت مأمور بالمراجعة لأجل الحيض، وإن طلقت ثلاثًا لم تكن لك مراجعة؛ لأنها لا تحل لك إلا بعد زوج، وكذا جاء مفسَّرًا في رواية أخرى في (الأم).

وقوله: ((وَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَ ثَلَاثًا فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ، وَعَصَيْتَ اللهَ)): دليلٌ على أن الطلاق الثلاث من كلمة واحدة محرَّم لازم إذا


(١) فتاوى نور على الدرب، لابن باز (٢٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧).
(٢) المفهم، للقرطبي (٤/ ٢٢٤).
(٣) المفهم، لأبي العباس القرطبي (٤/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>