للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قِيلَ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ قَالَ: لا)) (١).

وفيه: أن هرقل ((دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ)) والتَّرجمان- بفتح التاء، وقيل: بضمها-: هو الذي ينقل الكلام من لغة إلى لغة.

وهرقل لقب كل من ملك الشام، كما أن من ملك الروم يقال له: قيصر، ومَن ملك الفرس يقال له: كسرى، ومَن ملك القبط يقال له: فرعون.

وفيه: أن هرقل وجَّه إلى أبي سفيان أحد عشر سؤالًا تيقن من خلالها أن محمدًا صلى الله عليه وسلم نبي، وهذا لأن هرقل كان من أهل الكتاب، قرأ الكتاب الأول، وعرف صفات النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه: أن الرسل تُبعث في أحساب قومها؛ حتى لا يكون لأحد فيهم مطعن، وأن هذا أدعى لقبول الناس لهم.

وفيه: أن أتباع الرسل هم الضعفاء؛ لأن الأشراف فيهم كبر يمنعهم من اتِّباع الأنبياء؛ لأن الشرائع تقيِّدهم، وهم يريدون أن ينطلقوا من القيود؛ ولهذا قال قوم نوح لنوح عليه السلام: {أنؤمن لك واتبعك الأرذلون}، وقالوا: {ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلُنا بادئ الرأي}.

وفيه: استنباط هرقل، فهو يقول: كيف يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب على الناس ثم يكذب على الله؟ !

وفيه: أن هرقل رجل عاقل؛ لذلك قال: ((وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ))، وهذا يدل على أنه عرف أن الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب فإن له حلاوة ولذة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)) (٢)، والإيمان إذا خالط بشاشة


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١٩)، والبيهقي في الشعب (٤٤٧٢) مرسلًا.
(٢) أخرجه البخاري (١٦)، ومسلم (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>