للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حرام، ولم يكن يعلم الحكم الشرعي في ميتة البحر أنها حلال- ولكن نحن مضطرون لأن نأكل الميتة، ونحن رسل رسول الله، ومجاهدون في سبيل الله، ومضطرون إلى أكل الميتة، وقد قال الله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله فمن اضطر غير باع ولا عادٍ فلا إثم عليه}، وقال سبحانه: {وقد فصل ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}، فمكث عليها شهرا يأكلون من لحمها حتى سمنوا.

فلما وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم أن ميتة البحر حلال، قال: ((هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ، فَتُطْعِمُونَا؟ ، قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فَأَكَلَهُ)).

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في البحر: ((هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ)) (١)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالْحُوتُ، وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ، وَالطِّحَالُ)) (٢).

وفيه: أن هذه الدابة كانت آية من آيات الله العظيمة، أكلوا منها شهرًا، وهم ثلاثمائة، قال: حتى سَمِنَّا بعد الجوع الشديد الذي أصابنا، وكانوا يغرفون بالقلال السَّمن من عينه، كأنه بئر، ثم أقعد أبو عبيدة رضي الله عنه في وَقْب عينه- وهو النقرة التي تكون في العين- ثلاثة عشر رجلًا، وأخذوا ضلعًا من أضلاعه، فرحل أبو عبيدة رضي الله عنه أعظم بعير، وجلس عليه أطول رجل، فمر من تحته، فلم يصبه، كما سيأتي في الحديث الآتي، وهذا يدل على أنها دابة عظيمة.

وقوله: ((هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟ فَتُطْعِمُونَا)): هذا ليبين لهم صلى الله عليه وسلم حله، وليطيب نفوسهم.

واستدل بهذا الحديث العلماء على أن ميتة البحر حلال، لا تحتاج إلى


(١) أخرجه أبو داود (٨٣)، والترمذي (٦٩)، والنسائي (٥٩)، وابن ماجه (٣٨٦).
(٢) أخرجه أحمد (٥٦٩٠)، وابن ماجه (٣٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>