للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صورته التي خُلق عليها، يملأ ما بين السماء والأرض، كما أنه ضمه، وعصره ثلاث مرات، وقد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خديجة زوجه رضي الله عنها- وهي امرأة دينة عاقله نبيلة، كان عندها من الحصافة وأصول العقل والأمانة شيء عظيم فهدّأت من روعه وكانت له سندًا.

قولها: ((فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا) وفي بعض النسخ: ((لَا يُحْزِنُكَ)) (١)، أي: فلا يمكن أن يصيبك شر، ولا يمكن أن تخزى، وأنت تتَّصِف بهذه الصفات العظيمة: ((إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ)((وَتَحْمِلُ الْكَلَّ) وهو: الثقل، والقيام بحقوق الضيف، والضعيف، والفقير، ((وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ) أي: الفقير، ((وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ))، وهذه صفات عظيمة، من اتصف بها لا يمكن أن يُخزى، وبهذه الصفات استدلت خديجة رضي الله عنها على نبوته، وعلى صدقه صلى الله عليه وسلم.

وقولها: ((فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى- وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا- وَكَانَ امْرًا تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ)) هو ابن عمها؛ لكن العرب يسمون ابن العم عمًّا، فقالت: أي عمِّ؛ تساهلًا منها.

قولها: ((فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى)) والناموس هو: صاحب سر الخير (٢)، والجاسوس صاحب سر الشر (٣).

ونبوة عيسى عليه السلام بعد نبوة موسى عليه السلام، لكن شريعة موسى عليه السلام هي الأصل، وشريعة عيسى عليه السلام تابعة لها، ولم تكن شريعةً مستقلة، كما أخبر الله تعالى أنه خفف فيها بعض الأحكام التي كانت في التوراة، قال الله


(١) إرشاد الساري، للقسطلاني (١٠/ ١٢٠).
(٢) القاموس المحيط، للفيروز آبادي (١/ ٥٧٩)، النهاية، لابن الأثير (٥/ ١١٩).
(٣) النهاية، لابن الأثير (١/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>