للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه ملكان في النوم وأخبراه بأنه سُحر، ورؤيا الأنبياء وحي، فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، قال: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب- يعني: مسحور- قال: مَن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، قال: وجُفِّ طلعة ذكر، قال: أين؟ قال: في بئر ذي أروان، وفي لفظ في غير الصحيحين: ((تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ)) (١)، وهذا يدل على خبث اليهود، فقد سحروه في مشط ومشاطة.

وجاء في رواية في غير الصحيحين: أن فيه إبر مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فجاء جبريل فرقى النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين، وهي إحدى عشرة آية فكلما قرأ آية انحلت عقدة (٢).

لكن في الصحيح هنا: أنه لم يحرقه، قالت عائشة: ((أَفَلَا أَحْرَقْتَهُ؟ )) وهذا دليل على أن السحر إذا أُخرج وأُحرق يزول، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عائشة على قولها.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم شفاه الله، والظاهر: أن الله شفاه بسبب الرقية والدعاء.

وفيه: دليل على أن الرقية تنفع في حل السحر، ولو لم يُحرق السحر؛ ولهذا لما قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: ((أَفَلَا أَحْرَقْتَهُ؟ ) قَالَ: ((أما أنا فشفاني الله) يعني: بدون إحراق.

ولم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم الساحر؛ لئلَّا يثير على الناس شرًّا بالتحدث فيه؛ إذ لو أَخرج السحر وأَحرقه لتحدث الناس: ماذا فعل؟ من الذي سحره؟ ما هو السحر؟ وكذلك خوفًا من أن يقتل الصحابةُ هذا اليهوديَّ.


(١) أخرجه البخاري (٦٠٦٣).
(٢) أخرجه المستغفري في فضائل القرآن (٢/ ٧٣١)، والبيهقي في دلائل النبوة (٦/ ٢٤٨)، (٧/ ٩٢ - ٩٤)، والواحدي في أسباب النزول (١/ ٥٠٣)، وانظر: فتح الباري (١٠/ ٢٣٠)، والدر المنثور (٨/ ٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>