للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولم يعلم بعض الصحابة بسحره عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لم يؤثر على النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وتبليغه، وخروجه للناس وصلاته بهم.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: ((ما شعرتِ أن الله أفتاني فيما استفتيته)) ففيه: دليل على أنه يقال: إن الله يفتي، قال الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}، {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ}.

وفيه: أن حكم تعلم السحر وتعليمه فيه تفصيل: فهو محرم، لكن إن كان يتعلق بالشياطين فهو كفر؛ لأنه لا بد أن يفعل الشرك.

أما إذا كان السحر لا يتعلق بالشياطين فهو من باب الشعوذة والتطبب من غير اتصال بالشياطين، وليس فيه شرك، لا دعوة لغير الله، ولا دعاء الشياطين، وفاعل هذا يكون مرتكبًا لكبيرة، أما إذا استحل إيذاء المسلم فيكفر؛ لأنه استحل أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة.

- والساحر يجب قتله، وقد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (١)، وعن جابر وعن عمر رضي الله عنهما أنه أمر بقتله (٢)، وعن حفصة رضي الله عنها (٣).

وعند الأئمة الثلاثة مالك وأبي حنيفة وأحمد أنهم يرون أن الساحر كافر على كل حال وأنه يجب قتله (٤).

والإمام الشافعي رحمه الله فصَّل، وقال: ((والسحر اسم جامع لمعان مختلفة فيقال للساحر: صف السحر الذي تسحر به، فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه فإن تاب, وإلا قتل, وأخذ ماله فيئا, وإن كان ما يسحر به


(١) أخرجه الترمذي (١٤٦٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٠٤٣)، وأبو يعلى (٨٦٠)، والبهقي في الكبرى (١٦٤٩٨).
(٣) أخرجه مالك في الموطأ (١٤).
(٤) حاشية الدر المختار، لابن عابدين (٤/ ٢٤٠)، الشرح الكبير، للدردير (٤/ ٣٠٢)، كشاف القناع، للبهوتي (١٤/ ٢٧٥)، الإنصاف، للمرداوي (١٠/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>