للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستمر في صلاته ويجتهد في تخفيفها، ثم إذا قضى صلاته أجابهما، أو يقول: سبحان الله، حتى يعلما أنه في صلاة، فيعذرانه.

وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فإنه إذا دعا أحدًا وجب عليه أن يجيبه؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أُبَيُّ- وَهُوَ يُصَلِّي- فَالتَفَتَ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ، وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ، مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلاةِ، قَالَ: أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أُوحِي إِلَيَّ: أَنِ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}؟ ! قَالَ: بَلَى، وَلا أَعُودُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ)) (١).

وفيهما: أن جريجًا بعدما ابتلاه الله وفتنه، حيث استُنزل من صومعته وضُرب، واتهموه- ولعل هذه عقوبة معجلة في الدنيا- برأه الله تعالى، وهذا يدل على أن جريجًا كان عابدا صالحا، ويظهر أنه كان في بني إسرائيل على شريعة الإنجيل، وأنه موحد؛ ولهذا أكرمه الله بهذه الكرامة، حيث كلمه الصبي في المهد.

وفيهما: أنه تعرضت لجريج امرأة بغي من بني إسرائيل، فلما رأت أنه لا يريدها مكنت راعيًا من رعاة الغنم منها، ففعل بها الفاحشة، ثم حملت منه، ثم ولدت واتهمت جريجًا به، فجاؤوا إليه وهدموا صومعته.

وقوله: ((فَجَاءُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ)): المساحي: جمع مسحاة وهي كالمجرفة إلا أنها حديد، وفيه: دليل على ضعف إيمانهم وقلة دينهم؛ حيث هدموا الدير لكلام هذه البغي، ولم يتثبتوا.


(١) أخرجه أحمد (١٥٧٣٠)، والترمذي (٢٨٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>