للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تغلطوا ولا تغالطوا)) (١) يعني: أن الضمير لا يعود إلى الله تعالى؛ ظنًّا منه أن في ذلك مشابهة للمخلوقين.

وقد ذكر النووي رحمه الله في المسألة مذهبين: مذهب المفوضة، ومذهب المؤولة، فقال رحمه الله: ((وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)): فهو من أحاديث الصفات، وقد سبق في كتاب الإيمان بيان حكمها واضحًا ومبسوطًا، وأن من العلماء من يمسك عن تأويلها، ويقول: نؤمن بأنها حق، وأن ظاهرها غير مراد، ولها معنى يليق بها، وهذا مذهب جمهور السلف، وهو أحوط وأسلم)) (٢).

وهذا القول باطل؛ لأن هذا مذهب المفوضة، وليس مذهب جمهور السلف كما قال، والمفوضة أشرُّ من المؤولة، فهم يقولون: إن هذه النصوص وأمثالها لها معانٍ لا يعلمها إلا الله، فيجب أن نفوض معناها إليه.

والصواب: أن معانيَ النصوص معلومة، ولكن الكيفية مجهولة، كما قال الإمام ربيعة رحمه الله- لما سئل عن الاستواء-: ((الاستواء معقول، والكيف مجهول)) (٣)، فالاستواء معقول أي: معقول معناه في اللغة، وهو: الاستقرار، والصعود، والعلو، والارتفاع، ولكن كيفيته في حقه تعالى مجهولة، وهي التي تُفوض إلى الله تعالى.

ثم ذكر رحمه الله مذهب المؤولة فقال: ((والثاني: أنها تتأول بحسب ما يليق بتنزيه الله تعالى، وأنه ليس كمثله شيء)) (٤).

وهذان المذهبان مجافيان لمذهب السلف رضوان الله عنهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فهم أثبتوا الصفات لله عز وجل، وأثبتوا معانيها، وأما


(١) التوحيد، لابن خزيمة (١/ ٨٤).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ١٦٥).
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة، للالكائي (٣/ ٥٢٧).
(٤) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>