للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقرب الخاص نوعان: قرب من الداعين بالإجابة، وقرب من العابدين بالكتابة.

فالقرب من الداعين بالإجابة: كقوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}، ومثل ما ثبت في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الصحيحين، قال: ((كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ، هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّه)) (١)، وكقوله سبحانه- في قصة نبي الله صالح-: {وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب}، فهو قريب مجيب من المستغفرين التائبين، كما أنه رحيم ودود بهم، كما قال- في قصة شعيب-: {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: )) فقوله: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} هو قرب ذوات الملائكة، وقرب علم الله؛ فذاتهم أقرب إلى قلب العبد من حبل الوريد؛ فيجوز أن يكون بعضهم أقرب إلى بعضه من بعض؛ ولهذا قال- في تمام الآية-: {إذ يتلقى المتلقيان}، فقوله: {إذ} ظرف، فأخبر أنهم أقرب إليه من حبل الوريد حين يتلقى المتلقيان ما يقول، فهذا كله خبر عن الملائكة، وقوله: {فإني قريب}، وقوله ((وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ)) (٢) فهذا إنما جاء في الدعاء، ولم يذكر أنه قريب من العباد في كل حال، وإنما ذكر ذلك في بعض الأحوال، كما في الحديث: ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ)) (٣) ونحو ذلك.


(١) أخرجه البخاري (٢٩٩٢)، ومسلم (٢٧٠٤).
(٢) أخرجه أحمد (١٩٥٩٩).
(٣) أخرجه مسلم (٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>