وقوله:((يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ حَتَّى جَاءَنِي)): فيه: كمال امتثال الصحابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه نهاهم أن يكلموا كعبًا فلما جاء النبطي يسأل عنه ما كلموه، وإنما أشاروا للأعجمي.
وقوله:((فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ قَالَ: فَقُلْتُ- حِينَ قَرَأْتُهَا-: وَهَذِهِ- أيضًا- مِنَ الْبَلَاءِ، فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّورَ)): فيه: دليل على أن كلمة (أما بعد) كانت معروفة عند العرب والعجم، وأنها كانت تُكتب في المخاطبات، قيل: أول من تكلم بها داود عليه السلام، وقيل: قس بن ساعدة الإيادي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدمها في خطبه.
وفيه: الابتلاء والامتحان الذي وقع لكعب رضي الله عنه، فقد ابتلي بهؤلاء الكفرة يكتبون إليه حتى يلحق بهم.
وفيه: أن من الحزم قطع أسباب الشر والفتنة؛ ولذلك فإن كعبًا أحرق هذا الكتاب حتى لا يبقى عنده ويتذكره، أو يضعف فيما بعد ويستجيب