للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذا الحديث: أن قيس بن عُباد (١) رضي الله عنه سأل عمارَ بنَ ياسر رضي الله عنه قائلًا: أرأيتم صنيعَكم- يعني: قتالهم مع علي رضي الله عنه- أهذا شيءٌ عهده إليكم النبي صلى الله عليه وسلم؟

فأجابه عمار رضي الله عنه بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يعهد إليهم بشيء من ذلك، وإنما هو فهمٌ فهموه رضي الله عنهم من حديث آخر. هذا حاصل كلامه رضي الله عنه.

والصواب: أن قتالَ الصحابة مع علي رضي الله عنه إنما هو عملٌ بقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، فالذي عليه جمهور العلماء: أن عليًّا رضي الله عنه هو المصيب في قتاله مع معاوية رضي الله عنه؛ لأنه هو الخليفةُ الراشد الذي بايعه أكثرُ أهل الحل والعقد، وأما أهل الشام فقد امتنعوا من البيعة، فقاتلهم عليٌّ رضي الله عنه.

وقد جاء في حديث آخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار رضي الله عنه: ((وَيْحَ عَمَّارٍ! تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ)) (٢)، فكان كما أخبر به عليه الصلاة والسلام، فقتله أهل الشام، فدل على أنهم مخطئون معذورون بالاجتهاد، فلهم أجرُ الاجتهاد، وعلي رضي الله عنه ومَن معه مجتهدون مصيبون، لهم أجران: أجرُ الصواب، وأجرُ الاجتهاد.


(١) الإصابة، لابن حجر (٥/ ٤٠٢)، أسد الغابة، لابن الأثير (٤/ ٤١٤).
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>