للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا}، يعني: هم معبَّدون مقهورون مذلَّلون مسخَّرون، المؤمن منهم والكافر.

وقوله: ((فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ) يعني: اجعل الطور حصنًا لهم.

مسألة: إن قيل: لِمَ يُحرِّزهم في الطور؟ هل لأن يأجوج ومأجوج لا يصعدون إلى الطور؟

والجواب: الظاهر- والله أعلم-: أنه يكون كالحصن لهم، وأن يأجوج ومأجوج لا يستطيعون أن يصعدوا إليه، وأن الله لا يسلطهم على المؤمنين المتحصنين فيه.

ويبقون في هذا الجبل إلى هلاكهم، فإذا أهلكهم الله تعالى نزلوا بعد ذلك.

وقوله: ((وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)): الحَدَب: ما ارتفع وغلظ من الأرض، وينسلون: يمشون مسرعين، أي: ينزلون من هذا الجبل، ومن هذا الجبل مثل السيول.

وقوله: ((فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ)): وهذا يدل على كثرتهم الكاثرة، يمرون ببحيرة طبرية فيشربونها، ولا يبقى إلا التراب، ثم يمر آخرهم لا يعلمون عن أوائلهم، فيقولون: كان بهذه مرةً ماء.

ومن الأدلة على كثرتهم: ما ثبت في الحديث: ((يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟ قَالَ: أَبْشِرُوا؛ فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا)) (١).


(١) أخرجه البخاري (٣٣٤٨)، ومسلم (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>