«بينما رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يحدث أصحابه، إذ قال: يطلع عليكم من هذا الوجه ركب من خير أهل المشرق، فقام عمر بن الخطاب، فتوجه في ذلك الوجه، فلقي ثلاثة عشر راكبا، فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ قالوا: قوم من عبد القيس،
⦗٢٨٤⦘
قال: فما أقدمكم هذه البلاد، التجارة؟ قالوا: لا، قال: فتبيعون سيوفكم هذه؟ قالوا: لا، قال: فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل، قالوا: أجل، فمشى معهم يحدثهم، حتى نظر إلى النبي صَلى الله عَليه وسَلم فقال لهم: هذا صاحبكم الذي تطلبون، فرمى القوم بأنفسهم عن رحالهم، فمنهم من سعى سعيا، ومنهم من هرول، ومنهم من مشى، حتى أتوا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فأخذوا بيده يقبلونها، وقعدوا إليه، وبقي الأشج، وهو أصغر القوم، فأناخ الإبل وعقلها، وجمع متاع القوم، ثم أقبل يمشي على تؤدة، حتى أتى رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فأخذ بيده فقبلها، فقال النبي صَلى الله عَليه وسَلم: فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله، قال: وما هما يا نبي الله؟ قال: الأناة، والتؤدة، قال: أجبلا جبلت عليه، أو تخلقا مني؟ قال: بل جبل، فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله، وأقبل القوم قبل تمرات لهم يأكلونها، فجعل النبي صَلى الله عَليه وسَلم يسمي لهم، هذا كذا، وهذا كذا، قالوا: أجل يا رسول الله، ما نحن بأعلم بأسمائها منك، قال: أجل، فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من بقية الذي بقي في نوطك، فقام فأتاه بالبرني، فقال النبي صَلى الله عَليه وسَلم: هذا البرني، أما إنه من خير تمراتكم، إنما هو دواء، ولا داء فيه» (١).