- قال ابن عبد البَر: لم يختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث ومتنه في «الموطأ»، وفيه: عن عُبيد الله؛ أنه دخل على أبي طلحة، فأنكر ذلك بعض أهل العلم وقال: لم يلق عُبيد الله أبا طلحة، وما أدري كيف قال ذلك وهو يروي حديث مالك هذا، وأظن ذلك، والله أعلم، من أجل أن بعض أهل السير قال: توفي أَبو طلحة سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه، وعُبيد الله لم يكن في ذلك الوقت ممن يصح له سماع.
قال أَبو عمر ابن عبد البَر: اختلف في وفاة أبي طلحة، وأصح شيء في ذلك؛ ما رواه أَبو زُرعَة، قال: سمعت أبا نعيم يحدث عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أَنس، قال: سرد أَبو طلحة الصوم بعد النبي صَلى الله عَليه وسَلم أربعين سنة، فكيف يجوز أن يقال: إنه مات سنة أربع وثلاثين، وهو قد صام بعد رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم أربعين سنة، وإذا كان ذلك كما ذكرنا صح أن وفاته لم تكن إلا بعد خمسين سنة من الهجرة والله أعلم.
وأما سهل بن حنيف فلا يشك عالم بأن عُبيد الله بن عبد الله لم يره، ولا لقيه، ولا سمع منه، وذكره في هذا الحديث خطأ لا شك فيه، لأن سهل بن حنيف توفي سنة ثمان وثلاثين، وصلى عليه علي رضي الله عنه، ولا يدركه في الأغلب عُبيد الله بن عبد الله لصغر سنه يومئذ، والصواب في ذلك، والله أعلم: عثمان بن حنيف، وكذلك رواه محمد بن إسحاق، عن أبي النضر سالم، عن عُبيد الله بن عبد الله، قال: انصرفت مع عثمان بن حنيف إلى دار أبي طلحة نعوده، فوجدنا تحته نمطا .. وساق الحديث بمعنى حديث مالك، عن أبي النضر. «التمهيد» ٢١/ ١٩٢.
وقال ابن عبد البَر أيضا: وهذا الحديث منقطع، غير متصل، لأن عُبيد الله بن عبد الله لم يدرك سهل بن حنيف، ولا أبا طلحة، ولا حفظ له عنهما، ولا عن أحدهما سماع، ولا له سن يدركهما به، والله أعلم
⦗٥٩⦘
ولا خلاف أن سهل بن حنيف مات سنة ثمان وثلاثين، بعد شهود صفين وصلى عليه علي، رضي الله عنه، فكبر عليه ستا، وكذلك كان يفعل بالبدريين.
وأما أَبو طلحة فاختلف في وقت وفاته اختلافا متباينا، فقيل: توفي سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان، رضي الله عنه. «الاستذكار» ٨/ ٤٨٣.