ـ قال الدارقطني: روى مالك في «الموطأ»، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة؛ خرجنا مع رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم إلى خيبر، فلم نغنم ذهبًا ولا فضة، إلا الأموال: الثياب والمتاع.
وهذا وهم، لأن أبا هريرة لم يشهد خيبرًا مع النبي صَلى الله عَليه وسَلم، ولم يكن أسلم، وإنما قَدِم مُسلمًا بعد فتح خيبر إلى المدينة، وسباع بن عرفطة بالمدينة يصلي بالناس، فصلى معه، ثم خرج، فتلقى النبي صَلى الله عَليه وسَلم قافلًا من خيبر، قال ذلك عراك بن مالك، عن أبي هريرة، وهو الصواب. «الأحاديث التي خولف فيها مالك»(٧٩).
ـ وقال أَبو مسعود الدمشقي: قال الدارَقُطني: أَخرج مسلم، عن قتيبة، عن الدَّراوَرْدي، عن ثَور، عن أَبي الغيث، عن أَبي هريرة، عنه؛ خرجنا مع النبي صَلى الله عَليه وسَلم إِلى خَيبر، فلم نغنم ذَهبًا ولا فِضة، يعني حديث مِدعَم.
وأَخرجه البُخاري أَيضًا، من حديث معاوية بن عَمرو، عن أَبي إِسحاق الفَزاري، عن مالك، عن ثَور، عن سالم مولى ابن مُطيع، عن أَبي هريرة.
⦗٦٨٠⦘
قال موسى بن هارون: وهم ثَور بن زيد في هذا الحديث، لأَن أَبا هريرة لم يخرج مع النبي صَلى الله عَليه وسَلم، يعني إِلى خَيبَر، وإِنما قدم المدينة بعد خروج النبي صَلى الله عَليه وسَلم إِلى خَيبَر، وأَدرك النبي صَلى الله عَليه وسَلم، وقد فتح الله عليه خَيبَر.
قال أَبو مسعود الدمشقي: وإِنما أَراد البُخاري، ومسلم، من نفس هذا الحديث، قصة مِدعَم في غلول الشَّملة التي لم تُصبها المقاسم، وأَن النبي صَلى الله عَليه وسَلم قال: إِنها لتشتعل عليه نارًا.
وقد روى الزُّهْري، عن عنبَسة بن سعيد، عن أَبي هريرة، قال: أَتيتُ النبي بخيبرَ، بعد ما افتتحوها، فقلت: أَسهم لي (١).
ورواه أَيضًا عَمرو بن يَحيى بن سعيد بن العاص، عن جَدِّه، عن أَبي هريرة.
ولا يشك أَحدٌ من أَهل العِلم أَن أَبا هريرة قد شَهِد قَسَم النبي صَلى الله عَليه وسَلم، غنائم خَيبَر، هو وجعفر بن أَبي طالب وجماعة من مهاجِرة الحبَشة الذين قدموا في السَّفينة، فإِن كان ثَور وهم في قوله: خرجنا، فإِن القصة المُرادة من نفس الحديث صحيحة. «جواب أَبي مسعود للدارقُطني» ١/ ٥١، و «تحفة الأشراف»(١٢٩١٦).