ثم قال: ممن أنت؟ فقلت: أنا أحد تنوخ، قال: هل لك في الإسلام الحنيفية ملة أبيك إبراهيم؟ قلت: إني رسول قوم، وعلى دين قوم، لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم، فضحك، وقال:{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} يا أخا تنوخ، إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه، والله ممزقه وممزق ملكه، وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فخرقها، والله مخرقه ومخرق ملكه، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه باسا ما دام في العيش خير، قلت: هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها صاحبي، فأخذت سهما من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي، ثم إنه ناول الصحيفة رجلا عن يساره، قلت: من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟ قالوا: معاوية، فإذا في كتاب صاحبي: تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فأين النار؟ فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: سبحان الله، أين الليل إذا جاء النهار؟ قال: فأخذت سهما من جعبتي فكتبته في جلد سيفي، فلما أن فرغ من قراءة كتابي، قال: إن لك حقا، وإنك رسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها، إنا سفر مرملون، قال: فناداه رجل من طائفة الناس، قال: أنا أجوزه، ففتح رحله، فإذا هو يأتي بحلة صفورية، فوضعها في حجري، قلت: من صاحب الجائزة؟ قيل لي: عثمان، ثم قال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: أيكم ينزل هذا الرجل؟ فقال فتى من الأنصار: أنا، فقام الأَنصاري وقمت معه، حتى إذا خرجت من طائفة المجلس، ناداني رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فقال:
⦗١٠٨⦘
تعال يا أخا تنوخ، فأقبلت أهوي إليه، حتى كنت قائمًا في مجلسي الذي كنت بين يديه، فحل حبوته عن ظهره، وقال: هاهنا امض لما أمرت له، فجلت في ظهره، فإذا أنا بخاتم في موضع غضون الكتف، مثل الحجمة الضخمة» (١).