أنه لو تقدم على الناقل لكان وروده حيث يستقل العقل بمعرفة حكمه، ولو تأخر عنه لورد في محل الحاجة، فكان أولى.
وأجيب:
بمنع استقلال العقل بمعرفته - حينئذ - وهذا لأن العقل لا يستقل بمعرفة كونه شرعيا، وهو إنما يصير شرعيا بتقريره، فلم يكن واردا حيث لا يحتاج إليه، لأن الجواز المكيف بكونه شرعيا غير معلوم بالعقل، وإن كان أصله معلوما به.
ثم كونه واردا حيث لا يحتاج إليه لا يعارض مفسدة زايدة النسخ، فكان الناقل أولى، دفعا لزيادة المفسدة. ثم قال القاضي عبد الجبار: هذا ليس من باب الترجيح:
(أ) بأنا نعمل بالناقل على أنه ناسخ.
(ب) ولأنه لو كان ترجيحا لوجب العمل بالمقرر عند عدم الناقل، والعمل بالأصل - إذ ذاك ...
وأجيب:
عن (أ) أنا لا نقطع بالتأخر ليكون نسخا.
وعن (ب) بمنع انتفاء اللازم، فإن العمل - إذ ذاك - بالمقرر، حتى جعل حكمه شرعيا - لا يصح رفعه، إلا: بما صح به النسخ وبكونه مثبتا عند الفقهاء. وقيل: بكونه نفيا. وقيل: إن ذكر لفظا معناه النفي فهما سواء، وإن نفي العمل أو القول صريحا، كقوله: لم يفعل، أو لم يقل، فالمثبت. عبد الجبار: إذا كانا شرعيين فهما سواء مطلقا، كما إذا اقتضيا الوجوب والإباحة، حيث يقتضي العقل الحظر، أو الحظر والإباحة حيث يقتضي العقل الوجوب، أو الوجوب والحظر، حيث يقتضي العقل والإباحة. وهو غير مستقيم على رأينا، إذ لا حكم