" .... ولقد قلتم إن النصاب سبب والحول شرط، ولِمَ لا عكستم أو سويتم؟ فالجواب أن الفرق بينهما يُحْلَمُ بأنَّ الشرط مناسب في غيره، والسبب مناسب في ذاته، فإنَّ النصاب مشتمل على الغني ونعمة الملك في نفسه، والحول ليس كذلك بل مكمل لنعمة الملك بالتمكن من التنمية في جميع الحول. ونبسط ذلك بقاعدة وهي: أن الشرع إذا رتب الحكم عقب أوصاف، فإن كانت كلها مناسبة في ذاتها قلنا: الجميع علة، ولا نجعَلُ بعضها شرطا، كورود القصاص مع القتل العمد العدوان، المجموع علة وسبب، لأن الجميع مناسبٌ في ذاته، وإن كان البعض مناسبا في ذاته دون البعض قلنا: المناسب في ذاته هو السببُ، والمناسبُ في غَيره هو الشرط؛ تقدم مثاله، فهذا ضابط الشرط والسبب والفرق بينهما وتحريره. فهذا الكلام هنا عند الامام القرافي رحمه الله جاء واضحا جليا وكاشفا عن الفرق بين الشرط والسبب، فلذلك نقلته بتمامه، حتى يزداد كلام البقوري عنه وضوحًا وفهما. كما أن الامام الأصولى المجهد النظار ابا اسحاق الشاطبي رحمه الله تكلم عن السبب والشرط والمانع واقسامها في الجزء الأول من كتابه الشهير القيم: الموافقات في اصول الأحكام اثناء كلامه على خطاب الوضع، فاجاد وتوسع وافاض بما لا مزيد عنه من الوضوح والبيان.