للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا اللغُوي فظاهر الفرق من حيث اللفظ يمتاز به عَنْ السبب وإن شارك السبب في المعنى.

وأمَّا الشرط الشرعي كالحولِ في الزكاة يمتاز عن النصاب الذي هو سبب الزكاة، فإن السبب ما كان مناسبًا في ذاته، والشرطُ ما كان مناسبًا في غيره، وهذا كالنصاب فإنه مشتمل على الغِني ونِعمة المِلْك في نفْسه، والحوُل ليس كذلك، يل كان لنعمة المِلك بالتمكُّنِ من التنمِيَّة في جميع الحول. (١١٩).

ولهذا نقول: القِصَاصُ مُعَلَّل بالقتلِ الْعمْدِ العُدْوان، وليس واحد منها بشرطٍ، لأن الجميع مناسبٌ في ذاته.

تلت: ويُشكِل الفرق بين الأسباب المستقلة وأجزاء الاسباب، فنَقول:

الفرق بينهما أن يُنظَر إلى الأوصاف المرتّب عليها الحُكمُ، فإن وجدناها في الشريعة لا يتَرتب عليها إلا مجتمعةً فهي أجزاءُ سببٍ، ومجموعُها هو السبب، كالقتل العَمْد العدوان، وإنْ وجدْناها تجتمعُ ثم قد تنفرد وتستقلُّ في التعليل


(١١٩) عبارة القرافي هنا رحمه الله كما فى:
" .... ولقد قلتم إن النصاب سبب والحول شرط، ولِمَ لا عكستم أو سويتم؟
فالجواب أن الفرق بينهما يُحْلَمُ بأنَّ الشرط مناسب في غيره، والسبب مناسب في ذاته، فإنَّ النصاب مشتمل على الغني ونعمة الملك في نفسه، والحول ليس كذلك بل مكمل لنعمة الملك بالتمكن من التنمية في جميع الحول.
ونبسط ذلك بقاعدة وهي: أن الشرع إذا رتب الحكم عقب أوصاف، فإن كانت كلها مناسبة في ذاتها قلنا: الجميع علة، ولا نجعَلُ بعضها شرطا، كورود القصاص مع القتل العمد العدوان، المجموع علة وسبب، لأن الجميع مناسبٌ في ذاته، وإن كان البعض مناسبا في ذاته دون البعض قلنا: المناسب في ذاته هو السببُ، والمناسبُ في غَيره هو الشرط؛ تقدم مثاله، فهذا ضابط الشرط والسبب والفرق بينهما وتحريره.
فهذا الكلام هنا عند الامام القرافي رحمه الله جاء واضحا جليا وكاشفا عن الفرق بين الشرط والسبب، فلذلك نقلته بتمامه، حتى يزداد كلام البقوري عنه وضوحًا وفهما.
كما أن الامام الأصولى المجهد النظار ابا اسحاق الشاطبي رحمه الله تكلم عن السبب والشرط والمانع واقسامها في الجزء الأول من كتابه الشهير القيم: الموافقات في اصول الأحكام اثناء كلامه على خطاب الوضع، فاجاد وتوسع وافاض بما لا مزيد عنه من الوضوح والبيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>