للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة: إذا اضطرَّ إلى طعام غيْرِه فأكله في المخمصة جاز، وهل يضمن له القيمة أم لا؟ قولان: أحدهما لا يضمن، لأن الدفع كان واجبا على المالك، والثاني يجب، وهو الأشهر، لأن إذن المالك لم يوجَد، وانما وجِدَ إذْنُ صاحب الشرع، فانتفى الإِثمُ لذلك، (١١٩) لا الضمانُ، وأيضا فإن المِلْك إذا دار زواله بين المرتبة الدنيا والعليا فبِالدنيا أوْلى، وذلك بأن يعطيه بثمن (١٢٠) استصحابا للملك بحسب الإمكان.

القاعدة الخامسة عشرة (١٢١)

نقرر فيها المندوب الذكره يقدم على الواجب والمندوب الذي لا يقدَّم على الواجب.

إعلم - أولاً - أن الغالب تفضيل الواجب على المندوب، هذا من حيث الجملة، لقوله عليه السلام - عن الله تعالى: "ما تقربَ إلىَّ عبدي بمثل أداءِ ما افترضتُ عليه (١٢٢)، وأيضا فالمصاع والمفاسد تختلف، وبحسب اختلافها يختلف الآمر والنهي في القوة وعدم القوة.


(١١٩) في نسخة ح: بانتفاء الإثم لذلك الضمان، بالمصدر، والأولى أظهر لأن انتفاء الاثم مرتب عن إذن الشرع ومُسبَّبٌ عنه.
(١٢٠) في نسخة ح: بأن نعطيه بنون المضارعة، وصيغة الياء أنسب، لأن الاسم الظاهر الذى يعود عليه الضمير، يعتبر من قبيل الغائب كما هو معروف في قواعد النحو، وأساليب الخطاب. وقد علق ابن الشاط على كلام القرافي في أول هذا الفرق إلى قوله في المقارنة بين الحفاظ على فضيلة الجماعة، وفضيلة الوقت اثناء الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر، وتقديم مراعاة الأولى على مراعاة الثانية فقال ابن الشاط هنا: ما ذكره وقرره هنا صحيح كما قرر. اهـ.
(١٢١) هي موضوع الفرق الخامس والثمانين بين قاعدة المندوب الذى لا يقدم على الواجب وقاعدة المندوب الذى يقدم على الواجب. جـ ٢ ص ١٢٢.
(١٢٢) أصله حديث قدسي صحيح. ونصُه: عن أقوله هريرة ضى الله عنه قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله تعالى يقول: من عادى في وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب الي عبدى بشئ احب الي مما افرضته عليه، ولا يزال عبدى يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه، فاذا احببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع بِهِ، وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لَأعيذنَّه."

<<  <  ج: ص:  >  >>