للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة التاسعة

تقرر لنا أن ما دخل عليه الشرط مستقبَل، وأن الجواب كذلك يكون، فإن الماضيَ لا يترتب على المستقبَل، ولكِنه يشكل بقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} (٨٤).

والجواب أن الجواب محذوف. وقوله: {فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} تسليةٌ لتكذيبه، وأقِيم مقام الجواب، لَا أنه هو الجواب.

القاعدة الثالثة (٨٥)

في تقرير مقتذى إذا، وتقرير الفرق بينها وبيْن إن الشرطية.

فاعْلَمْ إنَّ إذا تَرِدُ للظرفية المحْضَة، كقوله تعالى: "وَالَّلِيْلِ إِذَا يَغْشَى} (٨٦). وقد ترِدُ إذا هَذِهِ ومعها المعْنَى الشَّرْطِي، كقوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (٨٧)، ثم قال {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}.

فعَلَى هذا قد اشتركتْ مع انْ في الشرطية، لكنهُما افترقا من حيث إن الشرطيةَ دخيل (٨٨) في إذا، وهُوَ في إنّ أصْل، وأنَّ إنْ حَرْفٌ وإذا اسْمٌ.


(٨٤) سورة فاطر: الآية. ٤
(٨٥) هي موضوع الفرق الخامس والسبعين من كتاب الفروق. جـ ٢ ص ٩٧.
وقد علق عليه ابن الشاط بقوله: ما قاله القرافي في ذلك صحيح، إلا قوْله في أنْ: إنها تدل على الزمان التزاما، فإن أراد أنها تدل على ذلك بنفسها وعلى مما شرطوه في دلالة الالتزام من أنها يسبق ذلك فهم السامع فليس بصحيح، وإن أراد أنها تدل على الزمان التزامما، بمعنى أنها من الحروف التي تلازم الدخول على الفعل، والفعل يدل على الزمان فهي تدل على الزمان التزاما من هذا الوجه فذلك صحيح.
(٨٦) سورة الليل: الآية ١.
(٨٧) سورة النصر: الآية ١.
(٨٨) في نسخة ع: الشرط دخيل، وهو يتطابق مع مما بعده من ضمير التذكير بالشرطية فإن الوصف فعيل بمعنى مفعول يستوى لفظه في التذكير والتأنيث فيقال: رجل جريح، وامرأة جريح، ولذلك قال ابن مالك في ألْفيتِه:
وناب نقلا عنه ذو فعيل ... نحو فتاةٍ أو فتىً كحِيلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>