للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الخامسة والعشرون:

في الفرق بين التخْيير والتمليك. (١٢٦)

إعْلَمْ أن أصل التمليك عند مالكٍ الدلالةُ على أصْل الطلاق من غير إشعار بالعدد ولا بالبيونة، فلذلك يَقبل قضاءَ الزوجة بأيّ شيء شآءتْ، والتخييرُ للثلاث قبل البناء وبعده، فلذلك تُقبَل نية الزوج فيما دون الثلاثي قبل البناء، لحصول المقصود، وهُوَ البينونة بالواحدة حينئذ دون ما بعُد البناء، لأنه صريح في البَيْنُونةِ لا يقبل المجاز كالثلاث إذا نطق بها. واتفق الشافعي وأبو حنيفة وابن حنبل على أنه كناية لا يلزمْ به شيء إلا بالنية، ولأن لفظ التخيير يحْتمل التخيير في الطلاق وغيره، وإن اراد الطلاق فيحتمل الواحدة وأكثرَ من ذلك، والْأصْلُ بقاءُ العصمة حتي ينوَّى.

وقد اعتمد الأصحاب على أشياءَ:

منها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} (١٢٧) الْآية. وظاهرٌ أنه لا دلالة في الآيةِ بوجهٍ على ما قَالُوهُ، لوجوه:

منها أنَّهُ المُطَلِّق عليه السلام لقوله: {وَأُسَرِّحْكُنَّ} لو أنهُ كان مطَلِّقا.

ومما تمسكوا به أيضًا أن إحدى نسائه اختارت نفْسَها فكانت البتَّة.


(١٢٦) هي موضوع الفرق الثامن والستين والمائة بين قاعدة التمليك وقاعدة التخيير ... جـ ٣. ص ١٧٥. وقد علق الشيخ ابن الشاط في أول هذا الفرق على ما جاء فيه عند القرافي، فقال: "أكثر ما قاله فيه حكايةً خلاف وتوجيه، ولا كلامَ في ذلك، وما قاله من أن مالكًا رضي الله عنه إنما بنَى علي عرف زمانه، هو الظاهر، وما قاله من لزوم تغيُّر الفتوى عند تغيُّر العرف - صحيح، والله أعلم".
(١٢٧) وتمامُها، {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} سورةالأحزاب، الآية ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>