للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجوَر لم تجبْ عليه الإِجابة، وتحرُمُ في الدماء والفروجِ والحدودِ وسائر العقوبات الشرعية. وإن كان الحقُّ موقوفاً على الحاكم وجبتْ عليه الإِجابة، إلا أن يفعل ما يحكم به عليه كأجَلِ العِنِّينِ، يُخيَّرُ الزوجُ بين الطلاق فلا تجبُ عليه الإِجابة، وبيْن الإِجابة فلا يمتنع منها، ومَتى طوُلب في حقٍ مُختَلَفٍ فيه، والخصم يعتقد ثبوته، وجبتْ الإِجابة، فلو اعتقد عدمَ ثبوته لم تجب الإِجابة، ومتى طولب بحقٍ، وجب عليه على الفور، كرد الغُصوب. ولا يحِلُّ له أن يقول: لا أدفعه إلا بالحكم، لأن المطْلَ ظُلْمٌ، (٣٨) ووقوفُ الناس عند الحاكم صعْب.

وأما النفقات فيجب الحضور فيها عند الحاكم لتقديرها إن كانت للأقارب، وإن كانتْ للزوجة أو الرقيق خُيِّرَ بيْن العتق، والطلاق والاجابة.

القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع (٣٩).

المشروع من الحبْسِ ثمانية أقسام: (٤٠)

الأول الجاني، لِغَيبة المجنى عليه، حفظاً لمحل القصاص.

الثاني حَبْس الآبِق سنةً، حفظاً للمالية، رجاء أن يُعْرَفَ ربُّه.

الثالث حبْس الممتنع من دفع الحق، إلجاءً إليه.

الرابع حبس من أشكل أمْرُهُ في العُسْر واليسْر، اختبارا لحاله، فإذا ظهر حاله حُكِم بموجبه عسراً أو يُسْرا.


(٣٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: مَطْل الغني ظُلْمٌ، وإذا أحيلَ احدكم على ملئ فلْيَتْبَعْ". (أي تماطُلُ الغني الموسر، القادرِ على الوفاء بالدين، يُعتبر في نظر الشرع ظلما للمدين، والظلم: محرم في الإسلام على أية كيفية كان، وصاحبُه آثم، والعياذ بالله، وإذا أحيل الدائن على شخص غني ليوفّيَهُ دينه فليقبَل تلك الإحالة وليأخذْ بها، لما فيها من الَتيسير، وتحصيل المقصود باستيفاء الدين من المدين أو غيره.
(٣٩) هي موضوع الفرق السادس والثلاثين والمائتين بين القاعدتين المذكورتين: جـ ٤. ص. ٧٩.
(٤٠) قال ابن الشاط هنا: "ما قاله في هذا الفرق من انحصار الأسباب الموجبة للحَبْسِ في ثمانية أقسام ليسَ كما قال، وفي ذلك نظر"، وسياتي إتمامها من كلام تهذيب الفروق.

<<  <  ج: ص:  >  >>