للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الثالثة (٦)

نقرر فيها لِمَ لم يَجُزْ تقليدُ أحد المجتهدين للآخر في مسألة الكعبة والأواني، وجاز ذلك في كثير من المسائل الفروعية.

قيل: إن الشافعي سُئِل عن هذه المسألة فقيل له: لِمَ جازَ أن يصليَ المالكي خلْف الشافعي والشافعي خلف المالك، وإن اختلفا في مسح الرأس وغيره من الفروع، ولمْ يجُزْ لواحد من المجتهدين في الكعبة والأواني أن يصلي خلف المجتهد الآخر؟ فسكتَ ولمْ يُجِبْ عن ذلك.

وأجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله عن ذلك بأن قال: إن الجماعة في الصلاة مطلوبة للشارع صلوات الله عليه، فلو قلنا بالِامتناع من الائتمام خلْفَ من يخالفه من المذهب لأدَّى إلى تعطيل الجماعات، إلا في حالة القِبْلة او قِلَّة الجماعات، واذا مَنَعْنا من ذلك في القِبْلة ونحوها لمْ يُخِلّ ذلك بالجماعة لِنُدْرة وقوع مثل هذه المسائل وكثرة وقوع الخلاف في مسائل الَفروعَ. هذا جوابه رحمه الله، وهو جواب حسن. (٧).

وقال شهابُ الدين رحمه الله: وقد ظهر لي في ذلك جوابٌ هو أقوى من هذا، مبنيٌّ على قاعدة، وهي أن قضاء القاضى متى خالفَ إِجماعا أوْ نصًّا أو قياسا جلِيًّا أو القواعدَ نقضناه، وإذا كُنّا لا نُقِرُّ حكما تأكد بقضاء القاضي


(٦) هي موضوع الفرق السادس والسبعين بين قاعدة المسائل الفروعية يجوز التقليد فيها من أحد المجتهدين فيها للآخر، وبين قاعدة مسائل الاواني والنسيان والكعبة ونحوها لا يجوز لأحد المجتهدين فيها أن يقلد الآخر"، والمراد بالأواني هنا كما سياتي بيانه، الأواني التي اختلط طاهرها بنجسها) جـ ٢. ص ١٠٠.
وقد علق ابن الشاط على قول القرافي هنا في السائل الفروعية: يجوز التقليد فيها) فقال: قوله هذا مُوهم، وكان حقه أن يقول: "يجوز الاقتداء فيها وهو مُرَادهُ بلا شك".
(٧) علق الفقيه ابن الشاط على هذا الفرق والجواب فيه بقوله: قلت: ذلك فرق ضعيف، وليس ذلك عندي بالفرق، بل الفرق الصحيح أن مسألة اقتداء المالكي بالشافعي، مع أنه لا يتدلك، لا يمكن الخطأ فيها على القول بتصويب المجتهدين، أولا يمكنُ تَعْيينُ الخطأ فيها على القول بعَدم التصويب.
ومسألة الأواني ونحوُها لابدَّ من الخطأ فيها، ويمكن تعيينُه في بعض الأحوال، والله أعلم. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>