للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فرع". قال ابن أبي زيد (في النوادر): إذا ادَّعياها في يد ثالث، فقال أحدُهما: أجَرْتهُ إياها، وقال الآخَرُ: أوْدَعْتُه إيّاها، صُدِّق من عُلِمَ أنه أسْبَقُ. (٣٥) ويُستصحبُ الحال له والمِلكُ، إلا أن تشهد بينة الْآخَرِ أنه فَعَل ذلك بحيازة عن الأول وحضوره، ولم ينكر، فيُقضَى له، فإن جُهِل السابق قُسِمَتْ بينهما.

قال أشهب: فلو شهِدت بينةُ أحدهما بغصْبِ الثالث منه، وبينّةَ الآخَرِ أن الثالث أقر له بالإِيداع قُضِيَ لصاحب الغصْب.

"فرع". قال في النوادر: لو كانتْ دار في يد رَجُلَيْن، وفي يد عَبْدٍ لأحدهما، فادعاها الثالث قُسم ذلك بينهم أثلاثا إن كان العبد تاجرا، وإلا فنصِفين، لأن العبد في يد موْلاه.

القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّا

لا تجب (٣٦).

فاعلم أنه إذا دُعى إليه من مسافة العَدْوَى فما دُونَها وجَبَتْ الاجابة، وإنْ كان أبْعَدَ لا تجب، وإن لم يكن له عليه حقّ لم تجب الاجابة، أوْلَهُ عليه حق ولكن لا يقف على الحاكم لا تجب أيضا.

ثم إن كان قادراً على أدائه لزِمَهُ أداؤه، ولا يذهبُ إليه، ومتى عَلِمَ خصْمُه إعسارَه حَرُمَ عليه طلبُهُ ودعواه إلى الحاكم، (٣٧)، وإن دعاه وعلم أنه يحكم عليه


(٣٥) في الفروق: صُدَّقَ منْ عُلِمَ سبْق كرائه أو إيداعِهِ.
(٣٦) هي موضوع الفرق الخامس والثلاثين والمائتين بين القاعدتين المذكورتين: ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دعاه إليه، وبين قاعدة ما لا تجب اجابته فيه. جـ ٤. ص ٧٨، وهو كذلك من الفروق القصيرة، ولم يعلق عليه أبو القاسم ابن الشاط بشيء. رحمه الله.
قال هنا الفقيه القاضى أبو بكر بن عاصم في منظومته الفقهية الشهيرة بالتحفة
ومعْ مَخِيلَةٍ بِصِدْق الطالبْ ... يُرْفعُ بالإِرسال غيْرُ الغائب
ومن على يسير الأميال يحُلَّ ... فالكَتْبُ كاف فيه مع أمن السُّبُل
ومع بُعدٍ أو مخالفةٍ كُتِبْ ... لأمثَلِ القوم أنْ إفعلْ ما يَجبْ
ومَنْ عصَى الأمر ولم يحضُر طُبِعْ ... عليه ما يهمه كيْ يرتفع
(٣٧) أي لقوله تعالي: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} سورة البقرة: ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>