للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة السابعة (٢٣)

نقرر فيها تداخل الأسباب وتساقطها، ونُظْهِر الفرق بينهما فنقول:

التداخل بين الأسباب معناه أن يوجد سببان مُسَبَّبُهُمَا واحد، والقياسُ يقتضي وجود مسبَّب لكل سبب، وتَساقُط الأسباب يكون عند التعارض وتنَافي المسبَّبَات، بأن يكون أحدُ السببيْن يقتضى شيئا والآخرُ يقتضي ضدّه أو نقيضَه، فيقدم صاحبُ الشرع الراجحَ منهما على المرجوح، فيسقط المرجوحُ، أو يستويان فيتساقطان معا. ثم التداخل والتساقط استويا في أن الحكم لا يترتب على السبب الذي دخل في غيره ولا على الحكم الذي سقط بغيره. ومثال التداخل هو ظاهر في ستة أبواب:

الأول: الطهارة من النجاسة كالوضوء والغسل إذا تكررت أسبابها المختلفة كالحيض والجنابة، والمتماثلة كالجنابتَيْن، أو الملامسَتين في الوضوء، فها هنَا دخل أحدُ السببين في الآخَر.

قلت: كلامُه في السبَب يُشْعِر بأن السبَبَ الشرعي كالسبب العقلي، لا يَجْتمع على مسبَّبٍ واحدٍ أكثرُ من سبَبٍ واحد.

ولقائل أن يقول: ليس هذا بصحيح، فإن الأسباب الشرعيَّة هي كَمُعَرِّفاتٍ، ولا مانع يمنع من اجتماع معرِّفات على معرَّفٍ واحد، بخلاف تلك فإنها مُوجداتٌ، ولذلك لا يكون للمسبَّب فيها إلَّا سببٌ واحد.


(٢٣) هي موضوع الفرق السابع والخمسين بين قاعدة تَدَاخُلِ الأسباب وبين قاعدة تساقُطِها" جـ ٢، ص ٢٩.
قال عنه الإِمام القرافي رحمه الله في أوله:
إعلَمْ أن التداخُلَ والتساقط بين الأسباب قد استويَا في أن الحكم لا يترتب على السبب الذي دخل في غيره، ولا على السبب الذي سقط بغيره، فهذا هو وجْهُ الجمع بين القاعدتين. ثم أخذ يتحدثُ عن الفرق بينهما، فقال: "والتداخُلُ بين الأسباب معْناه أن يوجَدَ سببانِ مسَبَّهُما واحد الخ .. ما ذكره القرافي وذكره الشيخ البقوري في هذا الاختصار رحمهما الله جميعا.
وقد علق عليه ابن الشاط بقوله: ما قاله القرافي في هذا الفرق صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>