للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوّجَتْ نفسها بغَير إذن وليها، فأقرَّه وأجازه، ئم عُزِل وجاء قاض بعده، قال عبد الملك: ليس بحكم، ولِغيره فسخه. وقال ابن القاسم: هو حكْمٌ، لأنه أمْضاهُ، والإِقرارُ عليه كالحُكْمِ بإجازته فلا يُنْقض. وأجازه ابن محرز وقال: إنه حكْمٌ في حادثة باجتهاد، بخلاف ما لو رُفِع اليه ذلك النكاحُ فقال: أنَا لا أجيز هذا النكاحَ بغير ولي، من غير أن يحكم بفسخ هذا النكاح بعينه فهى فتوى وليست بحُكْم، قال: ولا أعلمُ في هذا الوجه خلافا، وقد قررنا في القاعدة قبل هذه أن حكم الحاكم يرفع الخلاف في مسائل الاجتهاد ويُرْجعُ القوَل واحدا. وما ذكرناهُ هنا يتمم ذلك القوَل المذكور هنالك من حيث خروجُ العباداتِ كلها والحكمِ المُدْرَك الضعيف، والله سبحانه أعلمُ. وهو الموفق للصواب.

القاعدة الخامسة (١٥)

نقرر فيها أنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام كان يتصرف بالإِمامة وبالفتَوى وبالقضاء.

هذا لأن النبي عليه الصلاة والسلام، ما مِن مَنصِبِ كريمٍ ديني إلا وهو أكبَرُ من الكبير في ذلك المنصِب، فله الفتوى، وله الإِمامة، وله القضاء، والغالبُ عليه التبليغ.

ئم قد يقَع الاجْماع على أن بعضَ الاشياءِ كانت منه بالتبليغ والفتوى، ومنها ما يجمع الناس على أنه بالقضاء، ومنها ما يجمع الناس عليه أنه بالإِمامة، ومنها ما يختلف العلماء فيه لتردده بين رتبتَيْن فصاعِداً، وهذه الاشياءُ إنما فصَّلتُها، لأن آثارَها تختلف، فكلُّ ما قالَهُ أو فعَله على سبيل التبليغ كان ذلك حكما عاما


(١٥) هي موضوع الفرق السادس والثلاثين بين قاعدة تصرفه - صلى الله عليه وسلم - بالقضاء، وبين قاعدة تصرفه بالفتوى وهي التبليغ وبين قاعدة تصرفه بالإِمامَةِ ... جـ ١. ص ٢٠٥.
قال القرافي رحمه الله في أولِهِ: "إعْلَمْ أن رسولَ - صلى الله عليه وسلم - هو الإِمام الأعظم، والقاضى الأحْكمُ، والمفْتي الأعْلَمُ، فهو - صلى الله عليه وسلم - إمام الائمة، وقاضي القضاة، وعالمُ العلماء، فجميعُ المناصب الدينية فوَّضها الله اليه في رسالته، وهو أعظم من كل من تولى منْصباً منها في ذلك المنصب إلى يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>