للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا صُلِّيتا جهرا فهو خلاف الوضع الشرعي، وكون اللفظ مشتركا ثمَّ يُحَدَّدُ بِمعنى واحدٍ مِمَّا يَدُلُّ عليه، لا يضرنا ولا يقدَحُ في فِعلنا.

ثم لِتعلمْ أن العبادات على ثلاثة أقسام:

منها ما يوصف بالأداء والقضاء، كالصلوات الخمس ورمضان، ومنها مالا يوصف بهما كالنوافل، ومنها ما يوصف بالأداء فقطْ كالجمعة.

فائدة:

على ما ذكرناه في الحدَّيْن المذكورين تَعَيَّنَ أن مذهب الغزالي أرجح من مذهب القاضى فيمن غلب على ظنه أنه لا يعيش إلى آخر الوقت، فيَضيقُ الوقت لأجل ذلك، ثم إنه عاش إلى آخره، هل يصليها أداءً كما قال الغزالي، أو قضاء كما قال القاضى؟ الأرجح ما قاله الغزالي، لأن تعيين الوقت لم يكن لمصلحة فيه، وإنما

كان لظن كاذب، واللهُ أعلم.

القاعدة التاسعة (٧٢)

نقرر فيها صحة القول بالأداء الإِثم، إذ أشْكَلَ ذلك على كثير من الناس، وَقالوا: كيف تكون العبادة أداءً، وفاعِلُها آثِمٌ.

وبيان ذلك أن الله تعالى جعل أرْباب الأعذار يدركون الظهر والعصر عند غروب الشمس، بإدراك وقتٍ يسَع خمس ركعات في الحضَر بعد ما تحتاج اليه الصلاة من طهارة وغير ذلك. ووقع الاتفاق على أن ما خرج وقته قبل زوال العذر


(٧٢) هى موضوع الفرق السابع والستين بين قاعدة الأداء الذي يثبتُ معه الإثم، وبيْن قاعدة الأداء الذي لا يثبتُ معه الإثم، جـ ٢ ص ٣٩.
وقد قال القرافي في أوله: اعلمْ ان هذا الفرق قدَ أَشكل على جماعة من الفقهاء واستشكلوا كيف تكون العبادة أداء وفاعلها آثم. وسرُّ الفرق في ذلك أن الله تعالى جعل ارباب الاعذار يدركون الظهر والعصر عند غروب الشمس بإدراك وقت يسع خمس ركعات في الحضر ... الخ. وعلق عليه ابن الشاط فقال: ما قاله القرافي صحيح، على تقدير أن اصطلاح الفقهاء موافق لتحديده الأداء، والا فهو اصطلاح اخترعه، وما قاله أيضًا صحيح على تسليم اصطلاحه، ولا مشاحة في الاصطلاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>