وإذا قلنا بأن الفوات يوجب الفسخ، فهل يقتضيه معه، لأن الأصل عدم التقدم على السبب، أو قبله. لأن الانقلاب والفسخ يقتضى تحَقق ما يحكم عليه بذلك؟ خلاف بين العلماء. وقد عقب عليه ابن الشاط بقوله: ما قاله صحيح، وبما سلف بين القول يتبين أي مذهبي العلماء في المعية أو القَبلية أصحُّ، والله أعلم. (١٧) هي موضوع الفرق الثاني والثمانين بعد المائة بين قاعدة ما يتقدم مسبّبُه عليه من الأسباب الشرعية وبيْن قاعدة ما لا يتقدمُ عليه مسَّببه. جـ ٣ ص ٢٢٢. قال القرافي رحمه الله في أوله: اعلمْ أن أزمنة ثبوت الأحكام أربعة أقسام: ما يتقدم، وما يتأخر، وما يقارن، وما يختلف فيه، فأمَّا ما يقارن فكالأسباب الفعلية الخ ... وقد علق الفقيه ابن الشاط رحمه الله على ما قاله القرافي في أول هذا الفرق، فقال: ما قاله فيه صحيح. ثم زاد قائلا: وقوله: "وأمَّا ما تتقدم أحكامه عليه فكإتْلَاف المبيع قبل القبض، فإنك تقدر الانفساخ في المبيع قبْل تلفه ليكون المحل قابلا للانفساخ، لأن المعدوم الصرَف لا يقبل انقلابه لملك البائع على خلاف في ذلك، كمثل الخطأ فإن له حكميْن: أحدهما يتقدم وهو وجوب الدية بسبب الزهوق كالإرث، والثافي يقترن به وهو وجوب الكفارة الخ ... لا يصح، فلا يصح تقدير الانفساخ في المبيع قبل تلفه، ولا حاجة إليه. أما عدم الصحة فلِأن الصحيح في الأسباب، المطرد فيها، أن تَعْقُبها مسبّباتها أو تقارنها. وأما عدم الحاجة إليه فَلِأن انقلاب المبيع إلى ملك البائع لا حاجة إليه، لأن الداعي إلى ذلك كون ضمانه منه، وكون ضمانه لا يستلزم كونه على ملكه، للزوم الضمان بدون الملك كما في المعتدي، وإنما كان ضمانه من البائع -وإن لم يكنِ على ملكه- لأنه بقيَ عليه فيه حق التوفيَة. ثم زاد ابن الشاط معقبا على المثال الثاني المتعلق بقتْلِ الخطإ وما ينشأ عنه من استحقاق الدية للورثة، قائلا: لا حاجة إلى تقدير ملك الدية، بلَ هو محقق، بناءً على أن السبب هو الإنفاذ لا الزهوق"، والمراد بالإنفاذ إصابة المقاتِلِ (أي الأماكن التي لا يبقى أمل معها في الحياة بعد إصابتها في الإنسان أو الحيوان.