للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المِنَن قد تعظُمُ في الإِبراءِ، وذوُو المُروآتِ يَضُرُّ ذلك بهم، لَا سِيَمَا في السَّفَلَة، فجعلَ الشارع لَهُمْ قَبُولَ ذلك ورَدَّه، نفيا للضَّرَرِ الحاصِلِ من المِنن.

المسألة الثانية الوقف:

الوقف، هل يفتقر إلى القبول أولا؟ بِناءً على أنه إسقاط المنافع، أوْ هو تمليك لها، وهذا إذا كان عَلَى مُعيَّنين، وأمَّا عَلَى غيْر مُعَيَّنين فلا يحتاج إلى القَبول، لتعذره. واتفق العلماءُ في المساجد أنها من باب الِإسقاط لا مِلكَ لأحد فيها، ولهذا تقام الجمعة فيها ولا تقام في الحوانيت.

المسألة الثالثة: إذا أعتق أحد عبيده اختار على المشهور، وقِيلَ: يَعُمُّ العتقُ الجميعَ، وإذا طلَّق إحدى نسائه يعُمُّ الطلاقُ النسوةَ على المشهور، وقيل: يختار. والفرق على المشهور أنَّ الطلاق إسقاط العِصمة، والعِتق قُربةٌ لا إسْقاطٌ، وإنْ لزِمَها الإِسقاط.

القاعدة الرابعة:

أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله، (١٨) فأقول:

إعْلمْ أن الأعيان، منها ما لا يَقبل المِلْك، وذلك إما لعدم اشتماله على منفعَة كالخشاش، أو لأن منفعته محرَّمة كالخمر، أو لأنَّ منفعته تَعلَّق بها حق الله كالحُر فإنه لا يَقْبَل المِلك لغيرِه، لأنه أحق بنفسه من غيره، أو تَعلَّقَ بها حق الله تعالى كالمساجد، أو تكون تلك المنفعة، تَرْكُ بيعِها يَحملُ على مكارم الاخلاق


(١٨) هي موضوع الفرق الرابع والثمانين والمائة بين القاعدتين المذكورتين. جـ ٣. ص ٢٣٦. علق عليه ابن الشاط فقال في أَوله: "ما قاله القرافي صحيح، على ما في قوله "من الاعيان" من المسامحة على ما سبق". والمراد بالأَعيان ذوات الاشياء، فهي مادية محسوسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>