قلت: لا أظن أن الإِمام القرافي رحمه الله، يغيب عن ذِهْنهِ وفكره ذلك الملحظ لهذه الدرجة، على جلالة قدره ومكانته العلمية وطُولِ باعِهِ في هذه القواعد الفقهية، فلعل التأمل في كلامه بتأنٍ، والنظَرَ فيه بتعمق يهدي ويوصل إلى أن وراء كلامه في هذا الفرق طائلا وفائدة، وقد سبق لي في قاعدة قبل هذه أن أشرتُ إلى أن إيراد مثل هذه المسائل هي بهدف شحذ الذهن وتقوية الفكر وتكوين ملكةٍ المناقشة والمناظرة العلمية، إضافة إلى ما ترمي إليه بالأساس من تقعيد قاعدة فقهية وتأصيلها، أو استنباط واستخلاص الوصول إلى الحكم الفقهى فيها، وما يتفرع عن ذلك من تبين وجهات نظر الفقهاء وأساس اختلاف الأئمة في بعض الفروع والجزئيات الفقهية، والله أعلم. (١٣) عبارة القرافي هنا: تشبيها للأسباب الشرعية بالعلل العقلية، لأن العقلية لا توجبُ معلولها إلا حالة وجودها ... الخ.